ولعلي أبين هناً كتاباً يصلح أن يكون من كتب المرحلة الثالثة، وهو في فن أصول الفقه، واعني به كتاب "أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله" للشيخ عياض بن نامي السلمي، وهو كتاب محرر مختصر (في مجلد واحد) اقتصر فيه على مهمات المسائل، والشيخ عياض من خيرة مدرسي هذه المادة في جامعته، وكانت له دروس في أصول الفقه في قناة المجد الفضائية (القناة العلمية).
رابعاً: بعد المراحل المذكورة نبّه المؤلف إلى بعض "التنابيه" المهمة كـ:
"الاستقامة على منهج السلف .. أن يأخذ بآدب الطلب، وسَنن العلم والحلم، وخفض الجناح، ودماثة الأخلاق، وأن يتدثر بثياب التواضع، وسمة أهل العلم .. ".
وهذا والله ما نفتقده في كثير من إخواننا، خاصة ممن بلي منهم بالغلظة وسوء الخلق، فبعضهم لا يعرف لكبير منزلة، ولا لحوار قيمة فكل من خالف رأيه اشتد عليه ورماه بكل نقيصة، بل ربما وصل أن تخرج البذاءة من فمه كالسيل العرم والله المستعان!
وإن كان العلم لا يكسب صاحبه حسن الخلق مع إخوانه ومخالفيه فهو وبال عليه وحجة يوم القيامة ضده، ولا أدري حقيقة ما الدافع لبعضهم ليسيء خلقه، ويورد البذيء من الكلام لإخوانه؟ فلا مصلحة .. بل المفسدة فيه مؤكدة، ففضلاً عن كونها مخالفة للهدي الشرعي، ففيها ما يجعل الخصم يعرض عن الحق الذي معه لسوء أخلاقه، وكثيراً ما كنا نرى أن بعض المخالفين يطير بزلة بعضهم ليقول "لو كانوا على حق لما كانت أخلاقهم هكذا"، فهلاً أحسنوا الخلق؛ التزاماً بالشرع الآمر، وحفظاً للحق الذي يدافعون عنه!
ومن التنابيه أيضاً: "أن يرفع طالب العلم رأساً بعمل ما علم، وأن يصبر على الدعوة إلى الله تعالى، إذ الصبر شرط في نيل كل عزيز وغال".
وأيضاً: ألا يستنكف طالب العلم عن قول "لا أدري" فيما لا يعلمه، فهي والله نصف العلم.
رابعاً: ذكر عزائم علمية، ولخصها في ثلاث عزائم:
أحدها أوصى بقراءة بعض الكتب لمن تجاوزت قدراته تلك المراحل الأربع، وأوصى بعدة كتب كان منها:
"فتح الباري": ولي استدراك على النسخة التي أوصى بها الشيخ، وهي نسخة الأخ الشيخ الفاضل الأفغاني نظر الفريابي .. فإن نسخة "دار السلام" أجود منها تحقيقاً، ولو حاز طالب العلم النسخة السلفية المشهورة فهي أفضل الجميع وأتقنها، ولكن لعل الشيخ أوصى بها لبعض ما تميزت به كـ: وجود تعليقات شيخين من كبار المشايخ السلفيين، أعني بهم الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن باز – رحمه الله –، وتلميذه الشيخ العلاّمة عبد الرحمن البراك – حفظه الله –.
وكذلك قيام الشيخ نظر الفريابي بإحالة كافة النقول التي أوردها ابن حجر في كتابه إلى مصادرها بذكر الصفحة والجزء، وهو جهد جبار قام به المحقق.
لكن التحقيق في ذاته، أعني المقارنة بين النسخ وضبط النص ليس بذاك، بل اشتهر عند بعض المهتمين من طلبة العلم عبارة مشهورة "تحقيقات نَظْر فيها نَظَر".
ملاحظة: قام بعض الإخوة بإخراج تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك في ملف ورد وانتشرا مؤخراً، ولعله بذلك – خاصة إن نقلها طالب العلم على نسخته المتقنة – يستغنى عن نسخة الأخ الشيخ نظر وفقه الله.
وقولي هذا لا يسقط جهد الشيخ نظر، فهو شخص فاضل في ذاته، ومجتهد في التحقيق، ولكن من باب بيان أفضل الموجود من كتب أهل العلم!
وكان مما ذكر: مجموعة "الدرر السنية"، وهي مجموع قام به جامع تراث أهل العلم الشيخ عبد الرحمن بن قاسم – رحمه الله – لكلام أئمة الدعوة النجدية، وهي مجموعة رائعة قيّمة، لا يستغني عنها طالب علم، خاصة في الأونة الأخيرة الذي نرى فيه هجوماً شرساً على هذه المجموعة وأئمتها، بل ومطالبات بمنعها أو تنقيحها والله المستعان.
وكانت المجموعة قد خُدمت من قبل الأخ الشيخ مدحت بن يوسف آل فراج، حين أخرج مجموعته "فتاوى الأئمة النجدية في قضايا الأمة المصيرية"، وهي في أربع مجلدات، ثم اختصرها في مجلد واحد سماه "المختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد"، وهي خدمة رائعة من الأخ فجزاه الله خيراً.
خامساً: ذكر بعض العوائق ومنها: الكبر، وسوء الخلق، وحسد الأقران، والرياء، والعجب، والعلم بلا عمل، وتتبع الرخص والشذوذات، والتعالم .. وغيرها كثير.
لكنه أطال في عائقين وصفهما بـ"جامع الغوائل وأصلها" ولخصهما في أمرين:
¥