تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حبُ الدنيا، والدخول على السلاطين!

والثانية أطال فيها كثيراً، خاصة مع شدة ابتلاء بعض طلاب العلم بها، أورد فيه كلام السلف في ذم ذلك، واتهام المبتلى به! كقول عمر رضي الله عنه "إذا رأيتم العالم يلوذ بباب السلاطين فاعلموا أنه لص .. ".

وقد حذّر المؤلف من "دعوات عريضة (مريضة)، وتصانيف بتراء داعية مضامينها وعناوينها إلى الدخول على الأمراء والسلاطين، ولو بشرط: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وأوصاه – وخير ما أوصى – أن "انج بعلمك، وفر بدينك ... واعلم أن هذا الشرط كان عند السلف عزيزاً عسيراً، أما اليوم فأدعياء الشرط كثير، والعاملون به نزر يسير"! وبيّن أن هذه "جادة كثير من السلف وأئمة الدين"، فإن كان الدخول حتماً، فلا بد أن يكون حاله:

أن يكون الدخول على السلطان من باب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ..

وإلا .. أن يكون الدخول عليه من باب التذكير والموعظة ..

وإلا .. أن يكون الدخول من باب إجابة دعوة السلطان وذلك فيما لو أمره ولي الأمر بالدخول والمجي .. وإلا حسبك!!!

سادساً: بيّن المؤلف "حقيقة العلم" وأنه يراد به علم الكتاب والسنة وما جاء عن أصحاب النبي، وأن هذا هو إجماع سلف الأمة، ونبه على خطأ يقع فيه كثير من الكتاب حين يسمون كتبهم بمثل "العلم والإيمان"، "العلم والإسلام" وغيرها .. وأن هذا لظنهم أن العلم شيء والدين شيء آخر.

وحذر من مثل ما يسمى بـ (البرمجة العصبية اللغوية) خاصة أن بعض نابتة من أدعياء العلم الشرعي "لم تزل تنفخ في روع شباب المسلمين بعض العلوم التجريبية الوافدة من مستنقعات الفكر الغربي الكافر"، وأن الأولى أن نسعى حثيثاً في عودة الأمة إلى دينها أولاً .. فإن كان في الأمر متسع بعدها يكون للكلام في مثل هذه العلوم الوافدة شيء من البسط والتحرير!

سابعاً: حذر مما أسماه بالتخصص الجامعي، التي جزئت وقطعت علوم الشريعة، وغيبت طائفة منها عن أحكام فقه الواقع، وبيّن حقيقة التخصص المحمود، وهو (الذي أتى صاحبه من العلوم الشرعية نصيب وافر تبرأ به الذمة، ويسقط به الطلب، مع تخصص وتفنن في أحد العلوم الشرعية)، وأن حقيقة التخصص الموجود الآن وهو تخصص في علم دون بلوغ الحد الواجب في غيره!

وقد ذكر أن بعضهم قد تخصص في التخصص، فتجده قد تخصص في علوم القرآن، لكنه لا يحسن منه إلا دراسة مناهج المؤلفين في التفسير!!! (عنوان رسالته الجامعية)!!!

ثامناً: بعد أن بيّن تقسيم العلم إلى (علم غاية، علم آلة) وأن الآلة وسيلة للغاية، حذّر من تغليب جانب الوسائل على المقاصد، كمن يطيل التفريع والحديث وتوسيع الكلام حول أصول الفقه دون الاستعانة به على الوصول إلى المقصد، وهو حسن الفقه والحكم في المسائل الشرعية.

ثم بيّن العلاقة بين العلمين (علم الغاية، وعلم الآلة) وأن العلاقة طردية؛ كلما ازداد طالب العلم من علوم الآلة كان عليه أن يزداد من علوم الغاية ضرورة، وإذا كان تناقضاً وخللاً واضحاً.

وأخيراً ختم (منهجه) بنصيحة ذهبية قيّمة، قلّ من ينصح بها في هذا الزمان؛ نصح طالب العلم أن يلتزم فرض الوقت؛ "دفع العدو الصائل عن الحرمة والدين، لأنه واجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، وهذا ما نص عليه ابن تيمية رحمه الله ... "

"فإذا علم أن الأعداء هذه الأيام قد سامونا خطة خسف، وكان من الواجب على المسلمين لا سيّما العلماء منهم وطلاب العلم أن ينفروا خفافاً وثقالاً لجهاد عدوهم الصائل وإخراجه من بلاد المسلمين ... فيا طالب العلم: لا يراك الله (هذه الأيام) إلا سائراً في نخب المجاهدين، الذين هم أباة ذل، وليوث غابة، فكن معهم ببدنك، أو مالك، أو لسانك، أو قلمك، وإلا بقلبك .. وذلك أضعف الإيمان".

فأهل الجهاد "هم أشياع الحق وذادته، وسيوف العزّ وحماته .. فهم حضنة الإسلام، وأعضاد الملة، فسيوفهم لا تنبوا عن مضاربها، ولا تكلُّ غواربها".

"فهيّا إلى ساحات الوغى، ومواقف التخاصم، ومنازل التحاكم، ففيها العز والإباء، فإن لم يك ففي الجنة اللقاء؛ حيث انفجرت الهيجاء، وقصرت الأعنة، واستجرت الأسنة، وتصادمت الأبطال، وتبارزت الرجال، وأقبلت الآجال تتفرس الآمال، وبلغت القلوب الحناجر".

"فأمّا؛ وإن أحاط بالمسلم ما يمنعه الجهاد هذه الأيام، أو حال دون ما يتمنى كيد الكائدين؛ فله والحالة هذه أن يتسلى بهذا (المنهج العلمي) عساه أن يكون الفرج قريباً إن شاء الله! ".

فما أعظمها من نصيحة، فوالله هذا هو واجب الوقت فعلاً، وفرض المرحلة قطعاً، فجزاه الله خيراً على ما نصح .. وقد يعجز المرء لعدم المال، أو انقطاع الطريق إلى جبهات القتال، أو كيد من سلطان فاجر منعه بسجن أو بمنع سفر، والله المستعان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

منقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير