تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقصة هذه الآية باختصار أن قوما خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته فقال بعضهم: ما رأينا مثل قرَّائنا هؤلاء - يقصد الصحابة رضوان الله عليهم - أرغبَ بطونًا - يقصد أنهم يحبون الأكل ويكثرون منه - ولا أكذبَ ألسنًا - يقصد أنهم يكثرون من الكذب - ولا أجبن عند اللقاء - يقصد أنهم جبناء عند لقاء الأعداء - و كذب والله، فذهب الصحابي ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم فكان قد سبقه الوحي بنزول الآية، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لقد رأيته متعلقا بناقة النبي صلى الله عليه وسلم ورجلاه تخط بالأرض، والحجارة تنكب رجليه، وهو يبالغ في الاعتذار ويقول {إنما كما نخوض ونلعب} ونقطع عناء السفر، وما يزيده رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى أن يقرأ: {قل أبالله وآيته ورسوله كنتم تستهزئون () لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} فهؤلاء لم يفعلوا شيئا إلا أنهم سخروا من أعيان الصحابة الذين هم أولياء الله الصالحين رضوان الله عليهم فكفرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بعد أن أثبت لهم الإيمان، فالحذر الحذر من الوقيعة في العلماء الصالحين الذين هم أولياء الله المخلصين نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً.< o:p>

القصة الثانية: قال الله تعالى في سورة التوبة أيضاً: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} < o:p>

يلمزون: أي يعيبون ويطعنون. < o:p>

المطوعين: أصلها المتطوعين، ومعناها: المتصدقون بأموالهم تبرعاً وتطوعاً من غير أن يجب عليهم.< o:p>

روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه ذكر في سبب نزول هذه الآية أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى الصدقة فجاء أحدهم بنصف صاع، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا .. ثم جاء آخر بشئ أكبر منه، فقال المنافقون: ما فعل هذا إلا رياءً، فنزل قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فالمطوعين من المؤمنين في الصدقات: هم الذين جاؤوا بالشئ الكثير، والذين لا يجدون إلا جهدهم: أي إلا طاقتهم وما يقدرون عليه وهم الذين جاؤوا بالشئ القليل. فلم يسلم هؤلاء ولا هؤلاء من السخرية والهمز والطعن. ولا حول ولا قوة إلا بالله.< o:p>

فكان العقاب والجزاء من جنس العمل: أن سخر الله منهم وأعد لهم عذابا أليما في الدنيا والآخرة.< o:p>

فانظر بارك الله فيك غيرة الله على أوليائه حيث سخر الله سبحانه وتعالى ممن سخر من المطوعين، فهذا دليل قطعي على حرمة السخرية والطعن واللمز والتكلم في أعراض أولياء الله الصالحين وأول من يدخل ضمنا في هذه الآية العلماء والمشايخ وطلاب العلم.< o:p>

فإياك إياك من الوقوع في أعراض هؤلاء الأخيار .. !!! < o:p>

ونحن مع هذا كله لا نقول أن أئمة المسلمين ومشايخهم وعلمائهم معصومون، بل الكل معرض للخطأ فما دام أنهم بشر فمعنى هذا أنهم سيخطئون، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي وغيرهم وهو حديث حسن من رواية أنس رضي الله عنه: ((كل ابن آدم خطاء)) .. فنحن نعتذر لخطأهم ولا نشنع عليهم ونقول كما قال تعالى في سورة الحشر: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.< o:p>

ولكن أن يتكلم كل من هبّ ودبّ في العلماء فمن قائل: هذا عالم متشدد تكفيري لا يعرف أن يقول إلا كافر أو حرام، وآخر يقول: هذا العالم كبر سنه وبدأ يخرف، وذاك يقول: هذا أسود، وذاك يقول: هذا أبيض، وآخر يقول: هذا الشيخ أبرهة هذا العصر، ويطلع علينا مجددا من يقول بكل تفاهة وسوء أدب: هذا الشيخ بائع كنافة!!! < o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير