تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإمام أحمد هل تريدون أن تتصوروا -وقانا الله وإياكم شر ذلك- تصوروا عالما عظيما، وقدوة للناس يؤخذ ويسجن ويضرب.

كم في هذا الأمر من تعد على حقوق الله، ثم على حقوق العلم، وعلى حقوق العلماء:

أمثل أحمد تدميه السياط ... على مرأى من الناس هذا حادث جلل

أمثل أحمد يلقى بين طائفة ... على بصائرها من غيها ظلل

قاضي قضائك مزهو بسلطته ... .......................

(المعتزلي ابن أبي دؤاد)

قاضي قضائك مزهو بسلطته ... لما رآك على الأوباش تتكل

يخاطب المأمون الآن التفت الشاعر إلى المأمون يقول له:

قاضي قضائك مزهو بسلطته ... لما رآك على الأوباش تتكل

غدا يزين في عينيك مذهبه ... ...........................

(مذهب الاعتزال)

غدا يزين في عينيك مذهبه ... يا ليت شعري أيزكو عندك الخطل

يا ضيعة الحق من قوم تسيرهم ... بطانة السوء ما قالت به فعلوا

إذا ارتمى حاكم في حضن رغبته ... فحكمه في عيون الناس مبتذل

ما بال أمتنا صارت معلقة ... ما بين ذي ثورة يسطو وينفعل

وبين حاكم قوم يستدير إلى ... أعدائه قابلا في الحكم ما قبلوا

وصاحب علم ..................... ... ....................................

(بدأ يخاطب العلماء) يخاطبكم أيها الأحبة:

وصاحب علم صار ممسحة ... للظالمين فكم أفتى وكم فعلوا

يا حائدين عن الإسلام أسكركم ... لهو وأعماكم عن ديننا الزلل

سلوا رجال الحديث المخلصين ... ومن تحروا الصدق في كل الذي نقلوا

هذه القصيدة تبين ما على طالب العلم، وما لاقاه الإمام أحمد، أقول: فعليكم بالرجوع إليها، وأيضا أنبه إلى قضية أخرى بالنسبة للإمام أحمد وهو أنه لم يقتصر في دعوته وفي جهاده على الحكام فقط، بل إنه صاحب موقف في كل أمر حل بالأمة حتى ولو كان جزئيا، أهدي هذا الموقف من الإمام أحمد للمجاملين للمداهنين، للذين باسم المصلحة يفعلون ما يحلو لهم ولو خالف الشرع.

دعي الإمام أحمد إلى وليمة فحضر فيها، فلما حضر فيها وجلس قال له أحد الرجال أحد أصحاب الحديث: يا أبا عبد الله هاهنا آنية من فضة - والآنية من فضة لا يجوز أن تستخدم - فالتفت فإذا كرسي فقام فخرج وتبعه من كان في البيت، وأخبر الرجل، فخرج فلحق أبي -هذا يقول عبد الله بن أحمد- وحلف أنه ما علم بذلك ولا أمر به، وجعل يطلب إليه فأبى وجاء عفان فقال له الرجل: يا أبا عثمان اطلب إلى أبي عبد الله يرجع، فكلمه عفان، فأبى أن يرجع، ونزل بالرجل أمر عظيم.

لو أن كل طالب علم دخل إلى بيت من البيوت ووجد المنكر خرج أيبقى في البيوت منكرات؟

لا. لو فعل مثل ما فعل الإمام أحمد عندما رأى الفضة تستخدم خرج هل خرج وحده؟ لا تبعه الناس، وتوسل إليه صاحب البيت فرفض أن يرجع؛ إقرارا للحق -رحمه الله-، وكذلك أيضا فعل مثل هذا الفعل في أكثر من مناسبة؛ ولهذا الموقف سيرة الإمام أحمد تحتاج إلى دراسة أيها الأخوة، وإلى تأمل؛ للشبه الكبير من مواقعها ومواقفها ولحاجتنا إليها.

الإمام مالك أيضا نصح هارون الرشيد، كذلك أبو يوسف كتب كتابا شديدا إلى الرشيد، وقف موقف الأبطال لا يتسع المقام لذكر هذه الرسائل؛ لأنها طويلة ولكن أقول لكم: إن علماء أجلاء وقفوا مع الحكام موقفا شجاعا ولم تأخذهم في الله لومة لائم.

سلطان العلماء العز بن عبد السلام

آتي الآن إلى سلطان العلماء العز بن عبد السلام - اسمعوا إلى هذه القصة تبين شجاعة هذا العالم؛ ولذلك سمي بسلطان العلماء - كان لسلطان العلماء موقف عظيم يبدو عليه ملامح الصدق ونور الهدى، طلع الشيخ عز الدين بن عبد السلام إلى السلطان في يوم العيد إلى القلعة فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة فهنا وجد أن الناس يقبلون الأرض بين يدي السلطان، فقام العز بن عبد السلام ونهر السلطان نهرا شديدا، وأنكر هذا الفعل من عموم الناس، وقال له: يا سلطان كيف تسمح أن تباع الخمور في البلاد؟ وبدأ يعدد المنكرات، وهذا السلطان من السلاطين الغاشمين الظالمين، وتكلم بقسوة وشدة وتعجب الناس من شجاعته وقالوا: لا بد أن يحل به بلاء، فانتظروا إلى النتيجة، فقال له السلطان في النهاية: يا سيدي -اسمعوا السلطان يقول للعز بن عبد السلام يا سيدي-: هذا أنا ما عملته هذا عمله أبي قبلي، قال له السلطان العز بن عبد السلام -وهو السلطان الحقيقي-: أنت ممن يقول الله فيه: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير