تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [14] فقام السلطان وأصدر أمرا في موقعه بإزالة جميع المنكرات التي تحدث عنها العز بن عبد السلام، أمر بإغلاق الحانات، وأمر بعدم الخضوع بين يديه، وأمر بإزالة المنكرات.

يقول الباجي: فسألت الشيخ لما جاء من عند السلطان -وقد شاع الخبر- يا سيدي كيف الحال؟ فقال: يا بني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه؛ لئلا تكبر نفسه فتؤذيه.

العز بن عبد السلام يقول: قصدت لما رأيت أن الناس قد عظموه فعظمت نفسه في يوم العيد أن أهينه، يقول له هذا العالم فقلت له يا سيدي: أما خفته؟ قال: والله يا بني استحضرت هيبة الله فصار السلطان أمامي كالقط.

السلطان العز بن عبد السلام لما استحضر عظمة الله جل وعلا أصبح سلطان مصر كالقط أمامه، هذا موقف الشجعان، هذا موقف الرجال، واسمعوا إلى القصة الثانية أيضا للعز بن عبد السلام لما نشب الخلاف بين سلطان الشام الملك الصالح إسماعيل وأخيه سلطان مصر الصالح نجم الدين أيوب، فاستعان سلطان الشام على أخيه بالنصارى، وتنازل لهم عن صيدا، وسمح لهم أن يدخلوا الشام ويشتروا الأسلحة، ثم وقف في وجهه العز بن عبد السلام، وخطب في ذلك خطبة، وأفتى بحرمة بيع السلاح على النصارى، وأنكر هذا الأمر لما سمح السلطان في الشام للنصارى بالدخول إلى الشام، وبيع الأسلحة إليهم، وقف العز بن عبد السلام وقفة شجاعة، وخطب خطبة قوية مؤثرة، وأفتى بعدم جواز بيع الأسلحة إلى النصارى، انظروا ماذا حدث بعد ذلك، انظروا إلى القصة المعبرة أيها الأخوة.

السلطان يقف أمام سلطان الشام، العز بن عبد السلام يقف أمام سلطان الشام وضد النصارى، فيقوم الخليفة أو الأمير بعزله، ثم وضعه تحت الإقامة الجبرية -هذه الأساليب قديمة أيها الأخوة- قام بعزله عن الخطبة ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ثم أرسل له وسيطا وقال له: سنعيدك إلى جميع مناصبك على أن تعتذر من السلطان، جاءه بعض طلاب العلم أو المحسوبين على طلاب العلم من أعوان السلطان وقالوا: إن السلطان مستعد أن يعيدك إلى جميع مناصبك فقط يريد منك أن تعتذر، وأن تقبل يده لا غير. ماذا قال؟ فقال: والله يا مسكين -يقول لطالب العلم الذي جاءه- والله يا مسكين ما أرضاه يقبل يدي فضلا عن أن أقبل يده، والله ما أرضاه أن يقبل يدي فضلا عن أن أقبل يده، ثم قال: يا قومي -يقول لهذا العالم ومن معه من طلاب العلم- يا قومي أنتم في واد وأنا في واد، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم، ثم اعتقله السلطان في خيمة بجواره، وفي يوم من الأيام -اعتقله السلطان بجواره حتى لا يأتيه الناس-، وفي يوم من الأيام جاء النصارى لزيارة السلطان الذين أفتى العز بن عبد السلام بعدم جواز بيع السلاح لهم، فقال السلطان في الشام قال للنصارى: أتعلمون من هذا الرجل لما سمعوا قراءته؟ قالوا: لا. قال: هذا العز بن عبد السلام، وقد قام وأفتى بعدم جواز بيع السلاح لكم، وهيج الناس ضدكم فاعتقلته من أجلكم.

فقال له النصارى: لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها. الله أكبر! الله أكبر! النصارى يقولون يردون على - مع كل أسف - سلطان من سلاطين المسلمين قالوا هذا الذي سمعنا وعرفنا قضيته لو كان قسيسا من قساوستنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقته، فأطرق السلطان وأطلق العز بن عبد السلام.

الله أكبر أيها الأخوة يقيض الله سبحانه وتعالى للداعية من ينقذه حتى ولو كان من أعدائه، طلبة العلم يأتون إليه؛ ليخضع وليذل يقولون له: قبل يد السلطان، ولكنه يرد عليهم الرد الحازم الجازم كما تعلمون أما غيرهم فلا، النصارى يقولون هذه المقولة العظيمة.

قصة ابن تيمية مع ملك التتار

أما ابن تيمية أيها الأخوة فله قصص طويلة جدا، مواقف عظيمة ارجعوا إلى من كتب عن شيخ الإسلام مع التتار، مع المغول، مع حكام مصر، مع العامة لعلني أقتصر على قضية واحدة من هذه القضايا أيها الأخوة وهي قصته مع قازان ملك التتار، لما جاء عندما ذهب جيش قازان التتاري من إيران نحو حلب والتقى جيش قازان بجيش الناصر، وبعد معركة عنيفة هزم جيش الناصر وانهزم الجند وأمراؤهم، ونزح أعيان دمشق إلى مصر يتبعون سير الناصر حتى خلت دمشق من حاكم أو أمير، لكن شيخ الإسلام بقي صامدا مع عامة الناس واجتمع مع كبارهم، واتفق معهم على تولي الأمور في الشام، وأن يذهب هو بنفسه على رأس وفد من الشام؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير