لمقابلة غازان، فقابله في الجيش فلما قابله اسمعوا ماذا قال شيخ الإسلام.
جيش تتري الآن منتصر على المسلمين، جيش التتار جيش قازان الآن انتصر على المسلمين، ومع ذلك يأتي ابن تيمية ويقف هذا الموقف الشجاع غير هياب ولا أياب، الملك الناصر ينهزم مسافرا إلى مصر؛ هربا من التتار، وابن تيمية يقف هذا الموقف البطولي واستمعوا إليه، ذهب هو وتلاميذه إلى هذا الملك وقال له: أنت تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذن ما بلغنا ولماذا غزوت بلادنا؟ فقال له: وأبوك وجدك كانا كافرين وما غزوا بلاد المسلمين. يقول له الإمام ابن تيمية: إنك غزوتنا وأنت تدعي الإسلام وأبوك وجدك كفار، ولم يغزوا بلادنا؛ لأن هناك معاهدة بيننا وبينهم، ثم قال: إن أباك قد عاهد فوفى، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت، وجرت لابن تيمية مع غازان أمور قام بها ابن تيمية كلها، وقال الحق ولم يخش في الله لومة لائم، ثم قام غازان وقرب طعام الغذاء وقال لابن تيمية: تفضل. فقال: لا آكل من طعامكم لماذا؟ لأنه من سبايا المسلمين، وطبختموه بأشجار بلاد المسلمين، فرفض أن يأكل شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم بدأ يتكلم معه كلاما شديدا، بدأ أصحابه يرتجفون منه، ما الذي حدث أيها الأخوة؟ لما تكلم بشدة قال بعض طلابه: والله لقد رفعنا ثيابنا خوفا أن يصيبنا دم شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه لا شك عندنا أنه سيقتل، فما الذي حدث؟
خذله قازان وأمنه وأعطاه أمانا لدمشق وقال له: اذهب على بركة الله ولا تنسنا من صالح دعائك، هذا الملك الظالم يقول لشيخ الإسلام بعد أن وقف معه هذه البطولة: لا تنسنا من صالح دعائك، فمضى، قال تلاميذه أو بعض تلاميذه: لو أننا ذهبنا معه أكيد أن ملك التتار أراد أن يوقعه في الفخ، أراد أن يعتذر له أمام الناس، ولكنه سيفعل به الأفاعيل بعد أن ينطلق، فاعتذروا من شيخ الإسلام ابن تيمية -انظروا القصة- وذهبوا وحدهم، وشيخ الإسلام ذهب مع بعض تلاميذه وحده لماذا ذهب بعض تلاميذه أو بعض الناس -عفوا ليسوا تلاميذه بعض الناس الذين ذهبوا معه- أبوا أن يرجعوا مع شيخ الإسلام إلى دمشق؟ لأنهم قالوا: لا نشك أن ملك التتار سيرسل فرقة تسحق شيخ الإسلام ومن معه؛ لأنه وقف موقفا عظيما، وسبحان الله يذهب شيخ الإسلام إلى دمشق، ويذهب هؤلاء إلى دمشق مع فريق آخر وقبل وصوله إلى دمشق يلحقه رسل السلطان بالهدايا الثمينة جدا؛ ليوزعها على المسلمين، ويأتي القوم الذين ذهبوا وحدهم، وقد اعترضت لهم قافلة من اللصوص وسرقت ثيابهم ودخلوا دمشق وهم عراة. سبحان الله!!
شيخ الإسلام مع هذا الموقف البطولي ويذهب ويتخلى عنه بعض الناس يدخل ومعه الهدايا يرسلها ملك التتار؛ ليوزعها على المسلمين لا يريدها لنفسه شيخ الإسلام، والذين تركوه اعترضتهم قافلة من اللصوص، وسرقوا حتى ثيابهم عراة دخلوا أيها الإخوة. هذه هي مواقف العلماء، هي هذه مواقف الأبطال، هذه المواقف الشجاعة والقضايا كثيرة، والأمثلة أكثر، والعلماء ليست قضاياهم مع السلاطين فقط، حتى مع عامة المسلمين.
قصة عبد الله بن المبارك وابن علية
بعث عبد الله بن المبارك، ومعروف عبد الله بن المبارك بشجاعته يخاطب ابن علية يوبخه غاية التوبيخ، ويعنفه بكلمات قاسية؛ لأن ابن علية ولي صدقات البصرة، وولي بغداد في المظالم في آخر خلافة هارون الرشيد، وهذه الكلمة، أو هذه القصة لها معنى أيها الأخوة، هذه لها معنى أسوقها أقول: إن بعض طلاب العلم قد يضعف ولكنه لا يجد من إخوانه من يناصره ويؤازره، العلماء في السابق كانوا إذا وقع أحد من إخوانهم آزروه ونصحوه وعاتبوه، اسمعوا أرسل عبد الله بن المبارك إلى أخيه هذه القصيدة؛ ليعاتبه فيها عندما ولي الصدقات وهو طالب علم:
يا جاعل العلم له بازيا ... تصطاد أموال المساكين
كم من طلبة العلم الآن جعل العلم بازيا يصطاد به الأموال الوظائف والرتب والواسطات وغيرها:
يا جاعل العلم له بازيا ... تصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها ... بعدما كنت دواء للمجانين
أين رواياتك فيما مضى ... عن ابن عون وابن سيرين
ودرسك للعلم بآثاره ... في ترك أبواب السلاطين
تقول أكرهت فماذا ... كذا ذل حمار العلم في الطين
لا تبع الدين بالدنيا ... كما يفعل ضلال الرهابين
¥