غير أن مراعاة اللفظ، والنظر إلى الشكل قد تحقق في هذه الكلمة في قوله تعالى: ( ... قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة)، فقد وُصفت بصفة مفردة مؤنثة حملاً على لفظها أي شكلها. كما جاء الضمير مفرداً مؤنثاً في قوله تعالى: ( ... ذرية بعضُها من بعض).
7 ـ رسل:
قال اللغويون القدامى: إن الجمع في العربية مؤنث على الغلبة التي يستبعد منها جمع المذكر السالم، وقد كانت النصوص مؤيدة كثيراً هذا الذي ذهبوا إليه، ولنعرض لكلمة ((رُسل)) في لغة التنزيل لنقف على ((رُسل)) وكيف وردت في الآيات الكثيرة.
ولا بد من القول: إن ((الرُسل)) جمع ((رسول))، وعلى هذا فالتذكير أصيل فيها إفراداً ودلالة في المعنى.
جاء في قوله تعالى: ( ... رُسُلاً مبشرين ومنذرين ... ).
وقد روعي التذكير بالوصف المجموع وبالضمير الجمع المذكر العائد على ((الرُسُل)). غير أننا نجد النظر إلى الشكل بتحقق في التأنيث الذي نجده في الفعل وغيره كما في قوله تعالى:
(قد جاءت رُسُل ربنا بالحق).
8 ـ ريح:
جاءت كلمة ((الرياح)) في لغة التنزيل، وهي جمع، وقد اعتُبر فيها التأنيث فوُصفت بالجمع كما في قوله تعالى:
(وأرسَلنا الرياحَ لواقح ... ).
وقد يتقدمها الفعل مشيراً إلى تأنيثها كما في قوله تعالى: ( ... فأصبَحَ تَذوره الرياحُ).
9 ـ زوج:
ويأتي الجمع ((أزواج)) في لغة التنزيل فيدل على أنه جمع لـ ((زوج)) وهي ((زوج)) الرجل، كما يأتي جمعاً لـ ((زوج)) للأنعام وغيرها مما تنبت الأرض من الشجر والنبات.
فأما ((الأزواج)) في دلالتها على جمع ((زوج)) للرجل فقد جاء موصوفة بصفة مؤنثة مفردة، وفي التأنيث مراعاة للحقيقة، ولكن الإفراد جَرَت عليه العربية في وصف الجمع ما عدا جمع المذكر السالم، ومن ذلك قوله تعالى: (ولهم فيها أزواج مطهرة).
كما ورد في الضمير العائد على ((أزواج)) مفرداً مؤنثاً وذلك في قوله تعالى: (ومن آياته أن خَلَقَ لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها).
غير أننا نجد ((الأزواج)) قد روعي فيها التأنيث والجمع فعاد عليها ((النون)) ضمير الإناث كما في قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن ... ).
10 ـ سحب:
قد وردت ((السحاب)) في جملة من الآي الكريم، وهو في بعض منها مفرد مذكر بدلالة الوصف، وهذا يأتي من مراعاة اللفظ والشكل، فاللفظ مذكر كما في قوله تعالى: (وإن يَرَوا كسفاً من السماء ساقطاً يقولون سحاب مركوم).
وقد يأتي بعد ضمير مفرد مذكر يعود عليه نحو قوله تعالى: (الله الذي يُرسل الرياحَ فتُثير سحاباً فيبسُطُه في السماء كيف يشاء).
ولكنك تجد ((السحاب)) في آيتين قد وُصف بصفة مجموعة تخلُص للتأنيث، وهذا يعني أن النظر إلى المعنى كقوله تعالى: (ويُنشئ السحابُ الثقال). وقوله تعالى: (حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً).
11 ـ سبل:
ويحسن بنا أن نقف على ((سنبلة)) في لغة التنزيل فتجدها في قوله تعالى: (إني أرى سبع بقرات سمان يأكُلُهنّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر ... ).
تعليق:
أقول: وجمع المؤنث في ((سنبلات)) وغيرها هو جمع أدنى العدد (أي جمع القلة)، وهو يفيد هذه الدلالة القليلة العدد في كل اسم يجمع هذا الجمع إلا إذا كان الاسم لا يجمع إلا بالألف والتاء نحو البنات، والهبات وغيرهما، فهو في هذه الحالة يدل على الكثرة، ولا يخلص إلى القلة إلا بقرينة دالة فيقال مثلاً: سبع بنات، أو بضع هبات، فإذا قلنا: سبع سنبلات، فهو جمع قلة من غير دلالة العدد عليه، ومثل هذا ((بقرات)) التي وردت في الآية، والجمع الكثير فيهما: سنابل وبقر.
وقد يعترض معترض فيقول: وردت ((سنابل)) في القرآن، وهي مفيدة القلة، في قوله تعالى: (كمثل حبّة) أنبتت سبع سنابل ... )، والجواب عن هذا أن ((سنابل)) تفيد الكثرة، وإنما أفادت القلة بقرينة العدد ((سبع))، وليس في هذا ما يخرم القاعدة، وهذا باب من فصاحة العربية.
12 ـ سوء:
ولنرجع إلى مراعاة المعنى في بناء الجملة القديمة فنجد ((السيئات)) في قوله تعالى: (ولئن أذقناه نعماء من بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني ... )، وفي هذه الآية جاءَ الفعل ((ذَهَبَ)) وفاعلُه ((السيئات)) جمع مؤنث حقيقي التأنيث. ولو كان بين الفعل والفاعل فاصل من ضمير لقلت قام الضمير حاجزاً فأبعَدَ التأنيث كقوله تعالى: (فأصابَهم سيئاتُ ما عملوا).
¥