تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولمزيد من تشجيع العامة على تقبل تلك اللغات الدخيلة نجد كبار المسئولين في الدول من الوزير إلى اقل مسئول يتعمدون استخدام تلك اللغة المرقعة كما ذكرنا أمام وسائل الإعلام لنشرها والترويج لها لدى العموم.

فلو كانت هناك إدارة حازمة لمنعت مثل تلك التجاوزات وخاصة من المسئولين الكبار لكن إذا كان رب الدار بالدف ضاربا فشيمة أهل الدار .....

إن دور أولئك المسئولين لا يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى الترويج لنشر تلك الكلمات الغربية فيلاحظ في أي بلد عربي أن أسماء المحلات التجارية والإرشادية كتبت بلغات أجنبية معنى وحرفا ولا تجد أي كتابة باللغة العربية حقا إنه لأمر مُحزن أن تشعر بالغربة في وطنك؟؟ مع العلم أن كثيراً من الأنظمة لا يجيز كتابة أسماء المحلات إلا باللغة العربية وعند الضرورة تكتب اللغة الأجنبية تحت الكتابة العربية في زاوية و بخط لا يتجاوز ثلث حجم الخط العربي لكن لا أحد يطبقه جريا وراء الركب .. بل ما يُطبق أشد نكاية فالأسواق أصبح اسمها جالري ... فهذه .... جالريا،وتلك ... مول،أما السوبرماركت فأصبحت متداولة وكأنها من تاريخنا اللغوي .. وأصبحت أماكن الألعاب والمجمعات السكنية تحمل أسماء كجرين لاند .. ودزني لاند وما إلى ذلك.

وعندما تتصل بالمستشفيات .. الفنادق .. البنوك .. أو المطاعم ... أو أي مؤسسة .. تُفاجأ بان المتحدث يرحب بك باللغة الانجليزية ويسألك عن ما تريد بتلك اللغة .. كما أن الحسابات والفواتير كلها باللغة الانجليزية وأين في مجتمعات يعاني ما يزيد عن 70% من السكان من الأمية قراءة وكتابة .. أليس هذا تغريبا وتضليلا ولمصلحة من كل ذلك؟؟

نذكر في هذا السياق قصة لصادق الرافعي عن حضرة صاحب السعادة ذاك الذي يدعي الثقافة و يُدخل كلمات أجنبية في حديثه أو يتحدث بلكنة أجنبية فيسميه صاحب اللغة المرقعة ويقول "أف لهذا وأمثال هذا، أف لهم، ولما يصنعون، إن هذا الكبير يلقبونه بصاحب السعادة،و الأشرف منه والله رجل قروي ساذج لقبه حضرة صاحب الجاموسة .. نعم انه الفلاح عندنا جاهل علم، ولكن هذا أقبح منه جهلا فإنه جاهل وطنية " ثم إن الجاموسة وصاحبها عاملان دائبان مخلصان للوطن،فما هو عمل حضرة صاحب (اللسان المرقع) هذا؟ إن عمله أن يعلن برطانته الأجنبية أن لغة وطنه ذليلة مهينة، وأنه متجرد من الروح السياسي للغة قومه .. إذ لا يظهر الروح السياسي للغة ما إلا في الحرص عليها وتقديمها على سواها.

وكان الواجب على مثل هذا ألا يتكلم في بلاده إلا بلغته وكان الذي هو أوجب أن يتعصب لها على كل لغة تزاحمها في أرضه فترك هذا وهذا وكان هو المزاحم بنفسه فهو على انه حضرة صاحب سعادة لا ينزل نفسه من اللغة القومية إلا منزلة خادم أجنبي في حانة.

وصنف الرافعي أولئك الأدعياء إلى طبقات واحدة تتعلق بعصر الاستبداد وأخرى تصنع نفاقا للاستعمار فهم يميلون للخضوع والذل السياسي في عهد الاحتلال فاللغة لديهم تشريف واعتبار كأنهم بها غير الشعب المحكوم الذي فقد السلطة، وثالثة تصنع ذلك لأنهم يريدون به عيب اللغة وتهجينها، لأنهم لا يحبون الدين الإسلامي إلي جعل هذه اللغة حكومة باقية في بلادهم مع كل حكومة وفوق كل حكومة وهم يزدرون هذا الدين ويسقطون عن أنفسهم كل واجباته.* (وأمثال أولئك كثير في مجتمعاتنا الحاضرة فتراهم يغلون في إقليميتهم .. مصريتهم .. عراقيتهم .. مغربيتهم .. الخ ويُسفهون بالآراء الأخرى فيما يتعلق بالدين الإسلامي)

ثانياً: الطبقة المتأثرة باللهجات العامية .. وهؤلاء لا يقل دورهم خطورة عن المستغربين لأن لهم تأثير لايُستهان به على جميع فئات المجتمع بما فيهم البسطاء وغير المتعلمين فيُسوقون لما يسمى بالشعر العامي وينشرونه بوسائل مختلفة .. وحتى نشرات الأخبار أصبحت تذاع بتلك اللهجات أو تتضمنها. تلك التي كان لها في السابق محررون لغويون أصبحت مليئة بما غث وسمج. إن الدعوة لاستخدام العامية ليست في قطر عربي دون آخر بل هي بامتداد الوطن العربي كما في حالة نشر لغات الغرب مما يوحى بأن الأمر ليس صدفة ولا نتيجة لتغيرات اجتماعية وثقافية بل هو أمر مخطط له بدقة وجار تنفيذه بحزم.

ولعل المنادون باللهجات العامية يدركون سؤ ما يدعون إليه وضرره الساحق الماحق للأمة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير