تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فكما قال مصطفى الرافعي" وما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضا على الأمة المستعمرة ويركبهم بها، ويشعرهم عظمته فيها، ويستلحقهم من ناحيته، فعليهم أحكاما ثلاثة في عمل واحد، أما الأول فحبس لغتهم في لغته سجنا مؤبدا، وأما الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محوا ونسيانا، وأما الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها فأمرهم لأمره تبع.

إن الأمة الحريصة على لغتها، الناهضة بها المعتزة بها المكبرة لشأنها هي الأمة التي لديها نزعة المقاومة والغلبة والاعتزاز بتراثها وفكرها "

فإذا أهمل شعب لغته، وتراخى في استعمالها،وترك العامية تسيطر عليها.وآثر غيرها عليها فهذا شعب ضعيف في تكوينه فهو خادم لا مخدوم وتابع لا متبوع، ضعيف من تكاليف السيادة ولا يطيق أن يحمل عظمة ميراثه،فهو شعب أشبه بمجموعات العبيد، لا يقدرون على الاستقلال بأنفسهم، يكتفون بضرورات العيش يوضع لهم القانون الذي يحكمهم حكما أكثره الحرمان، وأقله الفائدة التي هي كالحرمان. لذلك فان لغة الأمم هي الهدف الأول للمستعمرين فإذا انقطع الشعب من نسب لغته انقطع من نسب ماضيه ورجعت قوميته صورة محفوظة في التاريخ لا صورة محققة في وجوده، ويضرب المفكر الراحل الرافعي مثلا بأن أبناء الأب الواحد إذا تكلم كل واحد منهم لغة أصبحوا أبناء ثلاثة أباء لا أبناء أب واحد وهو يضرب بلك مثلا للشعوب التي تربطها روابط أصيلة ثم يجعلهم الاستعمار يتكلمون لغات غير لغتهم الأصيلة.*

إن من يتوقف أمام تلك الظاهرة ويتأملها سيُصاب حتما بالفزع .. فالدعوات إلى استخدام اللغات الأجنبية بطول الوطن العربي وعرضه .. والدعوات إلى اللهجات المحلية والمتمثلة في نشر الشعر المحلي في كل بلد عربي. وعلى كل المستويات وهناك من يسخر من اللغة العربية الفصحى ويدعو إلى التمسك باللهجة المحلية قراءة وكتابة حتى على الشبكة العنكبوتية بل ويروجون لذلك على انه نوع من الوطنية فكل إقليم يتعصب لذاته وأصبح أبناء الأب الواحد كما تنبأ مفكرنا الراحل الرافعي وكأنهم أبناء لعدة أباء يدفعهم الحماس وعدم التروي إلى التمسك بما أراده لهم سايكس الانجليزي وبيكو الفرنسي .. إن التمسك باللهجات المحلية يؤدي إلى مهالك قد لا يستشعرها أبناء الأمة فالغرب يريد أن ننسى لغتنا الأم لغة القرآن العظيم وبالتالي ستنشأ لغات إقليمية كما في أوربا لتبقى العربية كاللغة اللاتينية لغة ميتة لا يفهمها إلا قلة .. بالتالي فإن التونسي لا يمكن أن يتفاهم مع ابن الجزيرة العربية والشامي لن يتفاهم مع المصري وهكذا ... كرسوا التمزق فينا والأشنع والأخطر أن العربي لن يتمكن من قراءة القرآن الكريم إلا كما يقرأه الاندونيسي أو الهندي أو الإيراني أو التركي وغيرهم من غير الناطقين بالعربية .. لن يفهم ولن يتدبر معانيه ولن يتمكن من فهم إعجازه وقوته البيانية ناهيك عن أحكامه التي يجب على المسلم الالتزام بها في كل مناحي حياته فما الحل؟ لا بد من اللجؤ إلى شيخ يشرح ما غمض عليك أيها العربي .. هذا الشيخ قد يكون مصيبا وقد يكون مجرد شيخ مأمور ينفذ ما يتوجب عليه أمام السيد المستعمر .. ولا بأس لو نجحت تلك الدعوات بالكتابة بالحروف اللاتينية .. -" أنظر كيف يلبسون على الناس في تفسير الايات الكريمة ونحن لما نزل نستطيع قراءة وفهم القرآن الكريم والبحث والتنقيب "- هكذا لن يتمكن احد من قراءة تاريخه ولا فهم دينه بل هو بتر الأمة عن ماضيها وما تركيا عنا ببعيد،فالشباب التركي معزول عن ماضيه وتاريخه وتراثه لأنه فرض عليه استخدام الحروف اللاتينية بدلا عن العربية في الكتابة التي كانت سائدة، وهكذا لم يعد قادراً على قراءة ما كتب من عقود قريبة .. لذا يجب على مفكري الأمة حمل لواء الجهاد في كل مجال والتصدي لما يُحاك ضد هذه الأمة من مؤامرات. مع عدم إغفال تعلم ودراسة اللغات الأخرى فمن تعلم لغة قوم أمن أذاهم.

في الختام يجب أن يشعر كل منا بواجباته ومسؤولياته أمام الله سبحانه وأن يستخدم فكره وطاقته لخدمة أمته ولعل الحفاظ على لغة القرآن لا يقل بل يتصدر أولى واجباتنا فالمدرس والأب والشيخ والمفكر وكل إنسان مطالب بالتمسك بهويته الإسلامية وعروبته الصادقة وتصحيح المفاهيم للناس على اختلاف مشاربهم فكلكم راع وكل مسئول عن رعيته.

ـ[بديع الزمان]ــــــــ[24 - 11 - 2005, 12:49 م]ـ

في الختام يجب أن يشعر كل منا بواجباته ومسؤولياته أمام الله سبحانه وأن يستخدم فكره وطاقته لخدمة أمته ولعل الحفاظ على لغة القرآن لا يقل بل يتصدر أولى واجباتنا فالمدرس والأب والشيخ والمفكر وكل إنسان مطالب بالتمسك بهويته الإسلامية وعروبته الصادقة وتصحيح المفاهيم للناس على اختلاف مشاربهم فكلكم راع وكل مسئول عن رعيته.

حروف تسطّر بماء الذّهب أخي القيصري وبالفعل نحن مطالبون باستشعار هذا الواجب وتحمّل تلكم المسؤوليّة كلّ في موقعه وفي محيطه الصغير إن في بيته أو فصله الدراسيّ أو ملتقى أصدقائه ...

ومع ما يحاك للغتنا الخالدة من مؤامرات فإننا على قناعة تامّة بأنها لغة محفوظة بحفظ الله تعالى للقرآن الكريم: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون) الحجر9

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير