تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن الحاجة ماسة جدا إلى مثل هذا النوع من البحوث التي تزن مختلف الشخصيات العلمية والأدبية بميزان الإسلام. ومهما يكن رأينا في المنهج العلمي الذي سار عليه الكاتب في بحثه فإننا نناشد المؤلف وغيره من الباحثين المسلمين أن يتناولوا أولئك الأعلام، الذين ارتفعوا على أسنة الأقلام، أو حملهم العوام فوق الأكتاف والهام لكي يوضعوا في دائرة الضوء الإسلامي فيبدو للملأ ما فيهم من غث أو سمين، ولكي يبرزوا إلى نور الحق بدل أن يضاعفوا أحجامهم ويرفعوا عقائرهم في الظلام. فالقيمة الحقيقية لهؤلاء الأعلام لا توزن بموازين الأرض الزائلة، بل توزن بموازين العدالة الإسلامية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [1]. والمشكلة دائما هي أن الحق أبلج ولكن الباطل لجلج، وفي هذا العصر نرى أهل الباطل يجعجعون ويصيحون ويصرخون، ويتنادون بالنصرة والأحلاف ويهزون الأعطاف بينما أهل الحق قانعون بالسلامة الذليلة، راضون عن الغنيمة بالإياب.

فهل يلام الباطل إذا أرغى وأزبد، وتهدد وتوعّد؟

وإذا ما خلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا!!

ومشكلة (طه حسين) أنه رجل ملأ الدنيا وشغل الناس، واستفاض صيته وطارت شهرته في كل الأقطار، وما علم الناس سببا لهذه الشهرة المستفيضة والصيت الذائع! ولكنهم اقتنعوا، فجأة وبزعمهم، بأن هذا الرجل مشهور وما دام مشهورا فلا بد أنه شخصية عظيمة. وهكذا ظلوا مع الآخرين يكذبون ويكذبون حتى صدّق الجميع أنفسهم!!!

لماذا برز ((طه حسين)) وفرض شخصيته على الناس سنين طويلة؟

هل بسبب موقفه المعادي للفكرة الإسلامية؟

هل بسبب نشاطه الحزبي ومغامراته السياسية؟

هل بسبب كتبه الهزيلة، وشخصيته المنافقة؟

هل بسبب ارتمائه الذليل في أحضان المستشرقين، وترديده لأباطيلهم؟

هل بسبب منهجه العلمي الزائف المستعار؟

هل بسبب كراهيته للعرب وتهوينه الدائم من شأن دينهم وحضارتهم؟

هل بسبب اتجاهه إلى الإباحية والأدب المكشوف؟

مرة أخرى:

لماذا استفاضت شهرة طه حسين؟

لماذا ارتفعت منزلته لدى الباحثين عن صنم يعبدونه من دون الله؟ يالله للمسلمين!

متى يكف الناس عن إحاطة بعضهم بعضا بأوصاف القداسة، وهالات العظمة، وهم يعلمون أن العظمة والقداسة لله وحده؟

متى يكف الناس عن كيل عبارات المديح والإطراء لمن يزعمونهم خطأ قد بلغوا قمة العلم أو الحكمة أو البراعة في دنيا المظاهر البراقة والألقاب الخادعة {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ}. وصدق الله العظيم: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً}.

فلنسر في دروب البحث المتأني وراء هذا الشبح الغامض، عسانا أن نهتدي بفضل الله تعالى في الوقوف على سرّ هذه الظاهرة العجيبة ظاهرة البرق الذي يلمع في ظلام دامس فزاده غبرة ترهقها قترة.

أولا: عداؤه للفكرة الإسلامية:

إن كل من يراجع كتابات طه حسين ابتداء من كتابه (في الشعر الجاهلي) إلى آخر ما أملى يروعه جرأة هذا الرجل على شريعة الله وأحكامه السامية، حتى ليخيَّل إليه أن الرجل قد حمل بكلتا يديه مِعْوَلا مسنونا يهدم به كل بنيان إسلامي، وقد لبس في كل مرة قناعا يتخفى من ورائه وهو يقوم بعمله الموبوء في همة دائمة لا تعرف الكلال.

فهو قد تعمد إحياء الدعوة المنهارة بفصل دراسة الأدب العربي عن الفكرة الإسلامية. ووصف هذه العملية الخبيثة بوصف مثير وخطير كعادته في كل عملية هدم يقوم بها فقال: إنها تحرير الأدب العربي من إطاره الإسلامي. ورفع عقيرته قائلا: "أنا أريد أن أدرس تاريخ الأدب في ((حرية وشرف)) كما يدرس صاحب العلم الطبيعي علم الحياة والنبات!! ". وزعم أن ربط الأدب بالإطار الإسلامي فيه إيحاء بالدعوة إلى الإسلام والتبشير به!!

ومن عجب أن ينزلق صاحب ((الوعد الحق)) و ((على هامش السيرة)) إلى هذا المنزلق الخطير!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير