تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن ابنك المصفود فى أغلاله ... قد سيق نحو الموت غير مدان

فاذكر حكايات بأيام الصبا ... قد قلتها لى عن هوى الأوطان

وإذا سمعت نشيج امى فى الدجى ... تبكى شبابا ضاع فى الريعان

وتكتم الحسرات فى أعماقها ... ألماً تواريه عن الجيران

فاطلب اليها الصفح عنى اننى ... لا ابتغى منها سوى الغفران

مازال فى سمعى رنين حديثها ... ومقالها فى رحمة وحنان

أبنى إنى قد غدوت عليلة ... لم يبق لى جلد على الأحزان

فأذق فؤادى فرحة بالبحث عن ... بنت الحلال ودعك من عصيان

كانت لها أمنية ريّانة ... يا حسن أمال لها وأمان

غزلت خيوط السعد مخضلا ... ولم يكن إنتفاض الغزل فى الحسبان

والان لا ادرى بأى جوانحٍ ... ستبيت بعدى أم بأى جنان

هذا الذى سطرته لك يا أبى ... بعض الذى يجرى بفكر عان

لكن إذا إنتصر الضياء ومُزقت ... بيد الجموع شريعة القرصان

فلسوف يذكرنى ويُكبر همتى ... من كان فى بلدى حليف هوان

والى لقاء تحت ظل عدالةٍ ... قدسية الأحكام والميزان

ويتابع الشاعر إلقاء قصيدته وينال إعجاب سامعيه، وتتحدث عنه الصحف ويظفر بالجائزة الأولى لهذا المهرجان من بين عشرات الشعراء العرب الذين اشتركوا في هذا المهرجان.

أمّا الشاعر فهو هاشم الرفاعي الطالب بكلية دار العلوم بالقاهرة، وأمّا القصيدة فهي "رسالة في ليلة التنفيذ" التي ذاعت في العالم الإسلامي وتغنى بها شباب الصحوة الإسلامية في كل مكان

وأمّا السؤال "من قتل هاشم الرفاعي" فإليك الجواب عنه أيها القارئ الكريم:

كان هاشم الرفاعي سليلاً لأسرة متدينة، وقد نشأ في بيت يُعنى بالعلم ويهتم بالتفقه في دين الله ويحرص على التربية الإسلامية، التحق بمعهد الزقازيق الديني التابع للأزهر الشريف سنة 1947م وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في عام 1951م، ثم أكمل دراسته في هذا المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1956م ثم التحق بكلية دار العلوم ولقي الله شهيداً قبل أن يتخرج سنة 1959م.

وكان في مراحل دراسته كلها بارزاً بين زملائه، يقول الشعر ولمّا يبلغ الثانية عشرة من عمره، ويقود الطلبة في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني والأوضاع الفاسدة السائدة في مصر وقتها:

يا مصر قد عاثت بأرضك عصبة ... باسم الصيانة والحماية أفسدوا

قتلوا شباب الجامعات وجندلوا ... في النهر من بمياهه يستنجدُ

ماذا جنوا حتى أرقْتَ دماءهم ... وبأي حق في المضاجع وسِّدوا

والخطاب في البيت الأخير موجه إلى الملك فاروق الذي أمر بإطلاق النار على الطلبة في مظاهرة كوبري عباس الشهيرة، وأمر بفتح الكوبري على المتظاهرين، فمن نجا من الغرق لم ينج من رصاص الشرطة، وفي واحدة من هذه المظاهرات أصيب هاشم الرفاعي برصاصة طائشة تركت أثراً في أعلى رأسه، وفُصِل من معهد الزقازيق الديني مرتين، كانت الأولى قبل قيام الثورة، وفي هذا يقول الشاعر:

يا فتية النيل الممجَّد إننا ... نأبى ونرفض أن نساق قطيعا

هذا "ابن نازلي" للهلاك يقودنا ... جهراً ويَلقى في البلاد مطيعا

فإلى متى هذا الخنوع وإنه ... جرم أضاع حقوق مصر جميعا

بمثل هذا الحماس المتوقد كانت نفس شاعرنا تشتعل ثورة ضارية لم يستطع أن يكبتها، وأبت إلا أن تعلن عن نفسها في أكثر من موضع من شعره:

يا ثورة في ضلوعي ... وما لها من هجوعِ

إلام أقضي حياتي ... في ذلة وخضوعِ؟!

وظل شاعرنا هكذا حتى أشعلت ثورته ثورة أخرى عندما أُعلن عن قيام ثورة الضباط الأحرار في مصر بقيادة اللواء محمد نجيب الذي طرد الملك والإنجليز من مصر، واستقبل المصريون والعرب جميعاً هذه الثورة بالفرحة الغامرة، وكان لشاعرنا الحظ الأوفر من هذه الفرحة، فجاءت قصائده في الإشادة بالثورة وبقائدها نجيب تترى:

أمل تحقق في البلاد عسيرُ ... قد كان في خلد الفقير يدورُ

لمّا أعيد إلى الكنانة مجدها ... وانجاب عنها الليل والديجورُ

بعث الإله إلى البلاد "نجيبها" ... فتحطمت للمفسدين صخور

لا أرجع الرحمن أياماً مضت ... كانت علينا بالشقاء تدور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير