تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي عام 1662 تزوج موليير من فتاة تدعي أرماند بيجار. وهي بنت مادلين المذكورة آنفاً أو أختها. وكانت تصغره بعشرين سنة على الأقل. وفي العام ذاته راح يهتم بموضوع مسرحي غير مطروق أو غير معهود في ذلك الزمان وهو: وضع المرأة في المجتمع.

وكتب عندئذ مسرحية بعنوان: مدرسة النساء. وقد حققت نجاحاً صارخاً.

ولكن حزب رجال الدين تضايق منه وراح يشكك في أخلاقية موليير ويعتقد أنه شخص إباحي. وخافوا من تأثيره السيء على الملك. ولذلك أدان الأصوليون هذه المسرحية واعتبروها خلاعية ومضادة للدين. يضاف إلى ذلك أن اهتمام الملك به وإغداقه الهبات عليه جعل الممثلين الآخرين يغارون منه ويكرهونه.

وقد رد عليهم عن طريق كتابة مسرحيات جديدة تستهزئ بهم. فالرجل كان واثقاً من نفسه وذا شخصية قوية. وفي عام 1664 صدر أمر ملكي بتعيين موليير مسؤولاً عن قسم الترفيهات في القصر الملكي. وهو منصب رفيع بالنسبة لذلك الزمان. وفي العام نفسه كتب موليير إحدى مسرحياته الشهيرة بعنوان: المنافق، أو مدعي التقى والورع.

وفيها أدان ازدواجية بعض رجال الدين الذين يظهرون الورع ويخفون عكسه. وقال إنهم يستخدمون الورع الظاهري لاستجلاب عطف الناس عليهم واحترامهم لهم، وكذلك لنيل الزكوات والأموال. فرجال الدين أكثر مكراً ودهاءً مما نظن.

وهم يخفون مآربهم تحت ستار من التقى الظاهري. ولكن هذه المسرحية أحدثت فضيحة في الأوساط الدينية الفرنسية. وقامت الدنيا ولم تقعد بسببها. وقد اضطر الملك إلى تعليقها أو إيقاف تمثيلها لكي يخفف من سخط الكهنة والخوارنة الذي كان قد بلغ أوجه. فالملك نفسه كان يخاف من رجال الدين، أي الخوارنة والرهبان والمطارنة، هذا ناهيك عن البابا، ولكن موليير تحايل على الرقابة وقدم حفلات تمثيل خاصة لها.

وفي عام 1665، أبدعت عبقرية موليير مسرحية جديدة بعنوان: «دون جوان» وقد لاقت هي الأخرى أيضاً نجاحاً منقطع النظير. وأصبح اسم موليير على كل شفة ولسان، وبلغت شهرته الأوج إلى درجة أن الملك دعا فرقته المسرحية باسم «فرقة الملك»، وهكذا أصبح موليير أهم فنان في عصره، ونال المجد من مختلف أطرافه، وطبقت شهرته الآفاق. ثم يردف المؤلف قائلاً: وخلال السنتين اللتين تلتها كان موليير مريضاً، ولذلك لم يكن يشارك فرقته في التمثيل بشكل منتظم، ولكنه لم ينقطع عن الكتابة والإبداع

فقد ألّف آنئذٍ مسرحية شهيرة تحت عنوان «كاره المجتمع» أو «مبغض البشر»، وفيها يعبِّر عن ألمه ومرارته بسبب افتراقه عن زوجته أرماند أو طلاقه لها. ثم كتب مسرحية أخرى تحت عنوان «الطبيب رغماً عنه» وبعدئذٍ حاول أن يمثل مسرحية «المنافق» تحت اسم آخر، ولكن رجال الدين عرفوا بالأمر فمنعوها فوراً من جديد.

وفي عام 1668، كتب مسرحيته الشهيرة عن «البخيل» واشتهر «بخيل موليير» في شتى أنحاء العالم، فكل من يريد أن يضحك على البخل والبخلاء ويموت من الضحك ما عليه إلا أن يذهب إلى المسرح ويشاهد هذه المسرحية الرائعة. ثم زالت الرقابة عن مسرحية المنافق عام 1669، وعندئذٍ لقيت نجاحاً لا مثيل له على خشبة المسرح، وكان آلاف المشاهدين يتدفقون على المسرح لرؤيتها. نقول ذلك وبخاصة أن كل ممنوع مرغوب.

أما آخر مسرحية كتبها موليير فكانت بعنوان «المريض الوهمي»، أي الذي يتوهم أنه مريض وهو لا يشكو من أي شيء في الواقع. ولكنه أصيب بوعكة صحية على خشبة المسرح وهو يمثلها ثم سقط صريعاً أمام كل الناس. وهكذا مات موليير شهيد المسرح الفكاهي الذي أعطاه الكثير، بل وأصبح اسمه رمزاً عليه وكانت تلك هي أفضل موتة يحلم بها فنان كبير مثله.

ولكن لم يمت قبل أن يخلِّف وراءه عشرات الأعمال المسرحية الخالدة، نذكر من بينها على التوالي: «الطبيب الطائر» (6661)، «الكسلان» أو «الظروف الطارئة المعيقة» (5561)، «الطبيب العاشق» (8561). ولكن هذه المسرحية الهزلية ضاعت ولم تصلنا. نقول ذلك على الرغم من معرفتنا بأنهم مثلوها أمام لويس الرابع عشر. ومن المؤسف جداً أنها ضاعت، فقد كانت إحدى روائعه على ما يبدو.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير