صافٍ بأبطح أضحى وهو مشمول
من صوب غاديةٍ بيضٌ يعاليل
بوعدها أو لو أن النصح مقبول
فجْعٌ ووَلْعٌ وإخلافٌ وتبديل
كما تلوّن في أثوابها الغول
إلا كما يمسك الماء الغرابيل
إن الأمانيّ والأحلام تضليل
وما مواعيدها إلا الأباطيل
وما إخال لدينا منك تنويل
إلا العتاق النجيبات المراسيل
لها على الأين إرقالٌ وتبغيل
عرضتها طامس الأعلام مجهول
إذا توقّدت الحِزّان والميل
في خلقها عن بنات الفحل تفضيل
في دفّها سعةٌ قدّامها ميل
طلح بضاحية المتنين مهزول
وعمّها خالها قوداء شمليل
منها لبانٌ وأقرابٌ زهاليل
مرفقها عن بنات الزور مفتول
من خطمها ومن اللحيين برطيل
في غارز لم تخوّنه الأحاليل
عتقٌ مبينٌ وفي الخدّين تسهيل
ذوابلٍ مسّهنّ الأرض تحليل
لم يقهنّ رءوس الأكم تنعيل
وقد تلفّع بالقور العساقيل
كأنّ ضاحيه بالشمس مملول
ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا
قامت فجاوبها نكدٌ مثاكيل
لما نعى بكرها الناعون معقول
مشقّقٌ عن تراقيها رعابيل
إنك يا بن أبي سلمى لمقتول
لا ألهينّك إني عنك مشغول
فكل ما قدر الرحمن مفعول
يوما على آلةٍ حدباء محمول
والعفو عند رسول الله مأمول
ـقرآن فيها مواعيظٌ وتفصيل
أذنب ولو الغرماء فيّ الأقاويل
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل
من الرسول بإذن الله تنويل
في كفّ ذي نقمات قيله القيل
وقيل إنك منسوبٌ ومسئول
في بطن عثر غيلٌ دونه غيل
لحم من الناس معفور خراديل
أن يترك القرن إلا وهو مفلول
و لا تمشّى بواديه الأراجيل
مضرّج البزّ والدرسان مأكول
مهندٌ من سيوف الله مسلول
ببطن مكة لما أسلموا زولوا
ثم اللقاء ولا ميلٌ معازيل
من نسج داود في الهيجا سرابيل
كأنها حلق القفعاء مجدول
قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
ضربٌ إذا عرّد السود التنابيل
وما لهم عن حياض الموت تهليل
المبحث الثاني:
في الكلام على أسانيدها:
رويت قصة كعب بن زهير من خمسة طرق – فيما وقفت عليه –:
الطريق الأول:
طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي عن الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير عن أبيه عن جده.
رواها من هذا الطريق: ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) 5/ 168، ومن طريقه أبو نعيم في (معرفة الصحابه) 5/ 2378، ورواها الحاكم في (المستدرك) 3/ 579، ومن طريقه البيهقي في (السنن) 10/ 243، و (الدلائل) 5/ 207، وغيرهم.
وهذا الطريق مسلسل بالمجاهيل: فالحجاج، وأبوه، وجده، لا يعرفون، وليست لهم ترجمة في كتب الرجال، إلا عبد الرحمن بن كعب؛ ولا يذكر عنه إلا أنه شاعر كأبيه، ولم يذكر بجرح أو تعديل.
الطريق الثاني:
طريق ابن إسحاق في (السيرة)، حيث ذكر هذه القصة بلا إسناد، وأسند بعضها عن عاصم بن عمر بن قتادة، وقال ابن هشام رحمه الله في السيرة: (هكذا أورد محمد بن إسحاق هذه القصيدة، ولم يذكر لها إسناداً).
ورواها من طريق ابن إسحاق: الطبراني في (الكبير) 19/ 176، والحاكم في (المستدرك) 3/ 583، ومن طريقه البيهقي في (الدلائل) 5/ 211، وغيرهم.
وهذا الطريق ضعيف أيضاً، فبين ابن إسحاق والواقعة مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي.
وهذان الطريقان أشهر طرق هذه القصة.
الطريق الثالث:
طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي عن معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن الأوقص عن علي بن زيد بن جدعان قال: " أنشد كعب بن زهير بن أبي سلمى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم عندها لم يفد مكبول " اهـ.
رواها من هذا الطريق: الفاكهي في (أخبار مكة) 1/ 307، و الحاكم في (المستدرك) 3/ 582، ومن طريقه البيهقي في (الدلائل) 5/ 211، وغيرهم، وذكر ابن هشام هذا الطريق في (السيرة) 4/ 118 فقال (وذُكِرَ لي عن علي بن زيد بن جدعان أنه قال: أنشد كعب بن زهير ... ).
وهذا الطريق فيه ثلاث علل:
الأولى: ضعف محمد بن عبد الرحمن الأوقص: انظر (الضعفاء) للعقيلي 4/ 98، (اللسان) 5/ 286.
والثانية: ضعف ابن جدعان: انظر (تهذيب الكمال) و (تهذيبه) وكتب الرجال.
والثالثة: الإرسال.
الطريق الرابع:
طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي أيضاً عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة قال: أنشد النبي صلى الله عليه وسلم كعبُ بن زهير ... القصة.
رواها من هذا الطريق الحاكم في (المستدرك) 3/ 582 وغيره.
¥