تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا ضعيف أيضاً، فهو مرسل أو معضل، فموسى بن عقبة عداده في صغار التابعين، وعامة رواياته عن التابعين، فالكلام على هذا الطريق كالكلام على طريق ابن إسحاق، وإن كان موسى بن عقبة أوثق.

الطريق الخامس:

طريق الزبير بن بكار عن بعض أهل المدينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال: لما انتهى خبر قتل ابن خطل إلى كعب بن زهير ... فذكر القصة مختصرة.

رواها من هذا الطريق ابن قانع في (معجم الصحابة) 2/ 381.

وهذا الطريق له علتان:

الأولى: إبهام أحد الرواة.

والثانية: إرساله.

فالحاصل:

أن أسانيد هذه القصة كما ترى ضعيفة، وفي كل طريق أكثر من علة، فلم يثبت فيها إسناد صحيح ولا حسن:

قال ابن كثير رحمه الله في (البداية والنهاية) 4/ 372 بعد ذكره القصة:

"وهذا من الأمور المشهورة، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه، فالله أعلم " اهـ.

وقال العراقي رحمه الله:

" وهذه القصيدة قد رويناها من طرق لا يصح منها شيء، وذكرها ابن إسحق بسند منقطع"اهـ.

المبحث الثالث:

في حكم الاستشهاد بها:

اعلم أن ذكر هذه القصة على قسمين:

القسم الأول: أن تذكر هذه القصة كواقعة تاريخية:

فالكلام فيها كالكلام في المغازي وسير الصحابة وقصص المتقدمين و نحوها من الوقائع التاريخية، والأمر في ذلك واسع، وكان الأئمة المتقدمون لا يشددون في مثل هذه الحالة، ويفرقون بين مرويات الأحكام، والمرويات التاريخية.

القسم الثاني: أن يستشهد بها في استنباط الأحكام:

وهذا قسمان أيضاً:

الأول: أن يكون الحكم المستشهد بها عليه ثابتاً بالأدلة الصحيحة، فالقول في ذلك كالقول في الاستشهاد بالأحاديث الضعيفة والمراسيل وقصص الصالحين والإسرائيليات والرؤى ونحوها، والأمر في هذا واسع؛ إذ الحكم ثابت بدونها، وإنما يستأنس بها، وعلى هذا أكثر الأئمة والعلماء في كتبهم.

والثاني: أن تكون هذه القصة عمدة في استنباط حكم من الأحكام الشرعية؛ كتجويز التشبيب بالنساء ووصف مقاطعهن وقدودهن، ونحو هذا، فهذا لا يجوز، إلا إذا ثبتت صحة هذه القصة؛ لأنها في هذه الحالة تعامل معاملة أحاديث الأحكام، لا التاريخ، ومرويات الأحكام لا بد فيها من صحة الأسانيد للاحتجاج بها كما سبق، وقد تبين لك في المطلب السابق أن هذه القصة لا يصح فيها إسناد.

وعلى هذا: فكل حكم بني على هذه القصة بمجردها فهو فاسد؛ لضعفها.

والله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـ[ابن النحوية]ــــــــ[11 - 05 - 2006, 12:48 م]ـ

الأخت نور صبري:

لك شكري وامتناني على هذه المعلومات القيمة.

ـ[معالي]ــــــــ[11 - 05 - 2006, 08:39 م]ـ

السلام عليكم

بارك الله في أستاذنا ابن النحوية.

وشكر الله لك أستاذة نور على هذا البيان الشافي الوافي.

جزيتم خيرا.

ـ[سليم]ــــــــ[11 - 05 - 2006, 10:12 م]ـ

السلام عليكم

إن مصادر التشريع الاسلامي هي: القرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع الصحابة والقياس باشتارك العلة ... والشعر وإن كان بالفاظ عربية وعلى نهج العرب في البلاغة ورغم قول ابن عباس رضي الله عنه: (الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فلتمسنا ذلك). وفي رواية قال: (إذا سألتموني عن غريب القرآن فلتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان العرب). وقول عمر رضي الله عنه: (أيها الناس تمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم فإن فيه تفسير كتابكم) ,فإن الشعر لا يرتقي ان يكون وثيقة شرعيّة!.

وسبب الطعن في هذه القصيدة من الناحية الشرعية _كما ارى _ هو الطعن في حسن اسلام الشاعر (كعب بن زهير) ,ولكن هذا إجحاف في حق هذا الشاعر وهو حديث عهد في الاسلام ,والحكم عليه من خلال قصيدة (البردة) فقط ليس انصافًا له ,ومع هذا فإن القصيدة فيها من تعبيراتٍ ومضامين إسلامية في مواطن عدة على رأسها تكرار وصفه ومناداته للنبي صلى الله عليه وسلم, وقوله في القدر:

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته=يومًا على آلة حدباء محمول

ووصفه الرسول عليه الصلاة والسلام مجاهدًا وسيفًا على الكفار:

إن الرسول لسيف يُستضاء به= مُهند من سيوف الله مسلول

وذكر الهجرة النبوية المباركة بقوله:

في عصبةٍ من قريشٍ قال قائلهم = ببطن مكة لما أسلموا زولوا

وقوله في وصف اصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام:

زالوا فما زال أنكاسٌ ولا كشفٌ=ثم اللقاء ولا ميلٌ معازيل

شمّ العرانين أبطال لبوسهم=من نسج داود في الهيجا سرابيل

ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم=قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا

وله اشعار غير هذه القصيدة تبوح بحسن اسلامه وعدل طويته:

فأقسمت بالرحمن لا شيء غيره =يمين امرئٍ برٍ ولا أتحللُ

لأستشعرن أعلى دريسي مسلمًا = لوجه الذي يحيي الأنام ويقتل

وقوله:

لعمرك - لولا رحمة الله- إنني=لأمطو بجدٍ ما يريد ليرفعا

واما من حيث الاسانيد:

فقد رواها بإسناد موصول كل من: إبراهيم ابن ديزيل في جزءه، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، والإمام ثعلب في مجالسه، وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني، والحاكم ففي مستدركة، والبيهقي في السنن الكبرى، وفي دلائل النبوة، وأبو بكر الإشبيلي في الفهرست.

كما رويت بأكثر من طريق موقوفة على موسى بن عقبة، أو علي بن جدعان أو محمد بن إسحاق، وإسناده: الحجاج بن ذي الرقيبة وعبد الرحمن بن كعب لم أعثر لهما على ترجمة كافية. وقد صححه الحاكم في المستدرك وأشار إلى ذلك ابن عبد البر والحافظ بن حجر وعلي ابن المديني.

قال الحاكم: (وأما حديث محمد بن فليح عن موسى بن عقبة وحديث الحجاج بن ذي الرقيبة فإنهما صحيحان) وسكت عنه الذهبي في التلخيص.

وقال علي بن المديني شيخ البخاري على إسناد محمد بن فليح عن موسى بن عقبة (لم أسمع في خبر كعب بن زهير حديثًا قط أتم ولا أحسن من هذاولا أبالي ألا أسمع من خبره غيره).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير