إلى ذلك عُني الفقيد بنقد بعض ما نشره المحققون من كتب التراث، يدفعه إلى ذلك غيرته الشديدة على التراث وحرصه على عدم العبث به، وكانت هذه الفترة وذاك الحرص ربما دفعاه إلى أن يعنف أحياناً في نقده، وعذره في ذلك نظرته المثالية إلى تحقيق التراث الذي ينبغي أن يكون عنده بريئاً من آفات التصحيف والتحريف، وإلى المحقق الذي ينبغي أن يكون عنده مستوفياً عدة البحث والتحقيق متأنياً في عمله، طويل النفس في تقصي مظانّ البحث وموارد التحقيق. وقد نشر في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق وفي غيرها من المجلات نقداً حول تحقيق طائفة من كتب التراث المنشورة، ومنها: "رسالة الغفران" للمعري، و"المحتسب" لابن جنّي، و"القوافي" للأخفش، و"أعراب القرآن" المنسوب للزجَّاج. وقد رد إلى الصواب ما وقع فيه محققو هذه الكتب من أخطاء التصحيف والتحريف وشرح المعاني وغيرها.
وفضلاً عن إسهام الفقيد في تحقيق كتب التراث ونقد ما ينشر منها، كان له مشاركته البارزة في أعمال اللغة العربية بدمشق، سواء في تقويم البحوث التي ترسل إلى المجمع لنشرها في مجلته أو في معالجة المشكلات التي تعرض في جلساته، وكان –رحمه الله –يبذل من الجهد في قراءة بحوث المجلة وتقويمها ما يوهي قوى أولي العزم.
وللفقيد أصدقاؤه من كبار العلماء والباحثين في شتى أقطار العروبة والإسلام، وكلهم عرفوا له مكانته العلمية ورسوخ قدمه في علوم العربية والدراسات الإسلامية والقرآنية.
وعذره في ذلك نظرته المثالية إلى تحقيق التراث الذي ينبغي أن يكون عنده بريئاً من آفات التصحيف والتحريف، وإلى المحقق الذي ينبغي أن يكون عنده مستوفياً عدة البحث والتحقيق متأنياً في عمله، طويل النفس في تقصي مظانّ البحث وموارد التحقيق
ذهب الذين يعاش في أكنافهم
أستاذي أبا اليمان
والذي يؤيد المعنى الذي أخذته عن العلامة النفاخ قول رياح بن سنيحٍ الزنجي مولى بن تاجية هاجيا جريرا، مفتخرا بالزنج:
ما بال كلبٍ من كليبٍ سبَّنا
أن لم يوازن حاجباً وعقالا
والزِّنج لو لاقيتهم في صفِّهم
لاقيت ثمَّ جحاجحاً أبطالا
ومربِّطين خيولهم بفنائهم
وربطت حولك شيِّها وسخالا
وابنا زُبيبة: عنترٌ وهراسةٌ
ما إن نرى فيكم لهم أمثالا
أبناء كلِّ نجيبةٍ لنجيبةٍ
أسدٌ تربِّب عندها الإشبالا
فلنحن أنجب من كليب خؤولةً
ولأنت ألأم منهم أخوالا
وإعرابها على الحال كما قال أستاذنا أبو خالد ـ مع أنني لم أجد إعرابها عند المبرد في الكامل ـ يشبه قول القائل:
تعيرنا أننا عالة
ونحن صعاليك أنتم ملوكا
ـ[أبو طارق]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 06:34 م]ـ
بارك الله فيك أستاذ جهالين على هذه النبذة الطيبة. ولمَ لا تنقلها على صفحة تراجم اللغويين ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=11875&highlight=%CA%D1%C7%CC%E3+%C7%E1%E1%DB%E6%ED%ED%E4) لمناسبتها هناك.
دمت بخير
ـ[داوود أبازيد]ــــــــ[28 - 05 - 2006, 01:29 م]ـ
أستاذنا الوفي أبا اليمان .. ألف تحية لأستاذك الدمشقي، وألف ألف تحية لوفائك الشارقي.
والذي يؤيد المعنى الذي أخذته عن العلامة النفاخ قول رياح بن سنيحٍ الزنجي مولى بن تاجية هاجيا جريرا، مفتخرا بالزنج:
فلنحن أنجب من كليب خؤولةً****ولأنت ألأم منهم أخوالا
وإعرابها على الحال كما قال أستاذنا أبو خالد ـ مع أنني لم أجد إعرابها عند المبرد في الكامل ـ يشبه قول القائل:
تعيرنا أننا عالة****ونحن صعاليك أنتم ملوكا
أخي أبا الحسن .. تحية لك على هذه المشاركة وما قدمته من نبذة عن الأستاذ النفاخ رحمه الله، وأرجو الله أن يكون ذلك في ميزان حسناتك ..
أما قول رياح الزنجي، فأرى أنه يحتمل الوجهين لعدم وجود القرينة، ولكن هذا لا يمنعني من الثناء على ملاحظتك وربطك الشيء بما يماثله .. وأما الكامل والأمالي فطريقة كاتبيهما أن يترك كل منهما لخاطره العنان، فربما خطر هذا على باله أو لم يخطر، وربما صرفته عنه أو أنسته إياه خاطرة أخرى .. والله أعلم .. مع أطيب التحية ..
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[28 - 05 - 2006, 03:11 م]ـ
أخي أبا اليمان
سقت قصيدة رياح تأكيدا لقول النفاخ، فقد فهم رياح أن جرير لا يقصد أن أخوال الزنج أكرم من أخوال تغلب، وإنما هو الهجاء المر الذي معناه إن تطلب المرء أخوالا فليتطلب الزنج الذين هم أدنى الأخوال ولا يتطلبن تغلب فهم أدنى من الزنج، مما جعل رياحا يناقض جريرا لشدة مرارة قول جرير، على أن الذي زاده مرارة ما أحست به تغلب من مرارة أشد، وهي ارتعادهم من وصف جرير لهم، بأنهم لم يصلوا إلى مرتبة الزنج في المكانة.
ولم أسقها مساويا بين بيت جرير وبيت رياح الأخير الذي تقترب فيه " أخوالا" من التمييز وتبتعد عن الحال.
أما إشارتي للمبرد فما ذاك إلا لأن أبا خالد قال:
لأن المعنى أن الزنج هم أكرم حال كونهم أخوالا لك
بذا قال المبرد في الكامل والله أعلم
¥