تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ مَقَاصِدَهُمْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهَا وَإِلَّا نَقَصَ الْحُبُّ.

أَوْ حَصَلَ نَوْعُ بُغْضٍ وَرُبَّمَا زَادَ أَوْ أَدَّى إلَى الِانْسِلَاخِ مِنْ حُبِّهِ = فَصَارَ مَبْغُوضًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَحْبُوبًا!

فَأَصْدِقَاءُ الْإِنْسَانِ يُحِبُّونَ اسْتِخْدَامَهُ وَاسْتِعْمَالَهُ فِي أَغْرَاضِهِمْ حَتَّى يَكُونَ كَالْعَبْدِ لَهُمْ!

وَأَعْدَاؤُهُ يَسْعَوْنَ فِي أَذَاهُ وَإِضْرَارِهِ، وَأُولَئِكَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ انْتِفَاعَهُمْ وَإِنْ كَانَ مُضِرًّا لَهُ مُفْسِدًا لِدِينِهِ لَا يُفَكِّرُونَ فِي ذَلِكَ.

وَقَلِيلٌ مِنْهُمْ الشَّكُورُ.

فَالطَّائِفَتَانِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَقْصِدُونَ نَفْعَهُ وَلَا دَفْعَ ضَرَرِهِ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُونَ أَغْرَاضَهُمْ بِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِنْسَانُ عَابِدًا اللَّهَ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ مُوَالِيًا لَهُ وَمُوَالِيًا فِيهِ وَمُعَادِيًا وَإِلَّا أَكَلَتْهُ الطَّائِفَتَانِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى هَلَاكِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَحْوَالِ بَنِي آدَمَ وَمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْمُحَارَبَاتِ وَالْمُخَاصَمَاتِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْفِتَنِ.

قَوْمٌ يُوَالُونَ زَيْدًا وَيُعَادُونَ عَمْرًا.

وَآخَرُونَ بِالْعَكْسِ؛ لِأَجْلِ أَغْرَاضِهِمْ فَإِذَا حَصَلُوا عَلَى أَغْرَاضِهِمْ مِمَّنْ يُوَالُونَهُ وَمَا هُمْ طالبونه مِنْ زَيْدٍ انْقَلَبُوا إلَى عَمْرٍو، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ عَمْرو كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ بَيْنَ أَصْنَافِ النَّاسِ.

وَكَذَلِكَ " الرَّأْسُ " مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَمِيلُ إلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُوَالُونَهُ، وَهُمْ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمُوَالَاةُ لِلَّهِ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْ أُولَئِكَ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ إفْسَادَ دُنْيَاهُ: إمَّا بِقَتْلِهِ أَوْ بِأَخْذِ مَالِهِ، وَإِمَّا بِإِزَالَةِ مَنْصِبِهِ وَهَذَا كُلُّهُ ضَرَرٌ دُنْيَوِيٌّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إذَا سَلمَ الْعَبْدُ، وَهُوَ عَكْسُ حَالِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَمُحِبِّيهَا الَّذِينَ لَا يَعْتَدُّونَ بِفَسَادِ دِينِهِمْ مَعَ سَلَامَةِ دُنْيَاهُمْ. فَهُمْ لَا يُبَالُونَ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا " دِينُ الْعَبْدِ " الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا أَوْلِيَاؤُهُ الَّذِينَ يُوَالُونَهُ لِلْأَغْرَاضِ فَإِنَّمَا يَقْصِدُونَ مِنْهُ فَسَادَ دِينِهِ بِمُعَاوَنَتِهِ عَلَى أَغْرَاضِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْقَلَبُوا أَعْدَاءً.

فَدَخَلَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ الْأَذَى مِنْ " جِهَتَيْنِ ": مِنْ جِهَةِ مُفَارَقَتِهِمْ. وَمِنْ جِهَةِ عَدَاوَتِهِمْ. وَعَدَاوَتُهُمْ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ عَدَاوَةِ أَعْدَائِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ شَاهَدُوا مِنْهُ، وَعَرَفُوا مَا لَمْ يَعْرِفْهُ أَعْدَاؤُهُ. فَاسْتَجْلَبُوا بِذَلِكَ عَدَاوَةَ غَيْرِهِمْ فَتَتَضَاعَفُ الْعَدَاوَةُ.

وَإِنْ لَمْ يُحِبّ مُفَارَقَتَهُمْ احْتَاجَ إلَى مُدَاهَنَتِهِمْ وَمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى مَا يُرِيدُونَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَسَادُ دِينِهِ.

فَإِنْ سَاعَدَهُمْ عَلَى نَيْلِ مَرْتَبَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ نَالَهُ مِمَّا يَعْمَلُونَ فِيهَا نَصِيبًا وَافِرًا وَحَظًّا تَامًّا مِنْ ظُلْمِهِمْ وَجَوْرِهِمْ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يُعَاوِنَهُمْ عَلَى أَغْرَاضِهِمْ، وَلَوْ فَاتَتْ أَغْرَاضُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ.

فَكَيْفَ بِالدِّينِيَّةِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ، أَوْ عِنْدَهُ؟!

فَإِنَّ الْإِنْسَانَ ظَالِمٌ جَاهِلٌ لَا يَطْلُبُ إلَّا هَوَاهُ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير