تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خزانة المواعظ ... (تحديث مستمر)]

ـ[الطبيب]ــــــــ[18 Aug 2006, 05:04 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات و النور، ثمّ الذين كفروا بربهم يعدلون، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وبعد.

فهذا ما أستعين الله تعالى عليه، من محاولة رأب الصدع، وجلي الغشاوة، وإنارة الطريق، وإغاثة الغريق، من بعد ما ران على القلوب ما كسبت، وتبدّلت النفوس وانتكست، وصارت الآيات تقرع من القلوب الأبواب ثلاثاً فلا يؤذن لها، وصارت النُذُر تَرِد إلى سوق الألباب فلا يؤبه بها، وأضحت بضاعة الخير فيه مُزجَاة، والعبرة بالآيات فيه مُرجَاة، وتشعّبت الهموم في الدنيا فتفرّقت، وتعلّقت القلوب بغير الله فتمزّقت، وصارت قلوبُنا باردة ليس لقوة الإيمان فيها جذوة، ويبست عيوننا من ماء الدموع فبينها وبينه جفوة، ? ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ?.

وهذا ما دعاني إليه قلبي المريض، ونفسي المبتلاة، وهمّي المتفرق في شعب الدنيا من كل شعبة منه شعبة، فقلبٌ لا يخشع، وعينٌ لا تدمع، ونفسٌ لا تشبع، وأعوذ بالله من دعوةٍ لا ترفع، بل أعوذ به من هؤلاء الأربع.

وهذا ما اتخذته لنفسي أولاً، ثم رأيت أن لا أبقيه حبيس جهازي، فأحببت أن يكون لي نافلةٌ من عمل صالح أو علم نافع يرقّع ما تمزّق من عملي، مع أنّ النية لم تصح بعد، وحظوظ النفس لا تزال شريكة في هذا الأمر، ولو بقيتُ حتّى أخلص النية من شوائبها إنها إذاً لحياة طويلة، و ودّ الشيطان لو يظفر منّي بهذه، ولكن هيهات. فهذا عمل يسير إن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأً فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان، أردت به ترقيق القلب وتجديد الإيمان، وحفز الهمّة للتشمير إلى مرضاة الرحمن، فكرته كانت تراودني منذ زمن، فبدأتها بطريقة تقليدية، ثمّ لمّا خطر لي أن أنشره جعلته على الحاسب، كي يسهل نشره وتوزيعه، فهذا أوان نشره وتوزيعه.

هذه هي (خزانة المواعظ)، لآلئ جمعتها من بطون كتب الرقائق، تسوط القلب بسياط المواعظ، وتلهبه بحرارة الإيمان، وتصقله بمواد التذكير، تعاهدتها بالحفظ والعناية، وملأتها بالكنوز والدرر، وجعلتها بتوفيق الله ملآنة بأطايب الثمر، تجلو الفؤاد الحسير، وتبهج المغموم الكسير، وهي فوق ذلك كله ترطّب القلوب وتَسقي الدموع، وتسلّي النفس بذكر الله تعالى.

هذه هي (خزانة المواعظ)، مقالاتٌ جمعتها من كتب التزكية والسلوك والرقائق، كنت أرصدها لجائحة فتور تصيبني فأباغتها بها فينصر الله أقوى العسكرين، وكنت أقرأ فيها فأنشط و ربّما طبعت بعضاً منها ووزّعته على بعض إخوتي فأرى أثرها عليهم من قريب ولله الحمد. وحرصت على أن تكون من كتب أهل السلف المتقدّمين، فهم أقل تكلُفاً، وأعمق فهماً وأجدر أن يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، واستفدت من كتب بعض المتأخرين والمعاصرين، وفي كلٍّ خير.

هذا وخير ما يوعظ به كتاب الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلّم، وما استغنى عنهما طالبٌ إلا خذل فيما يطلب، وجعل الله فقره بين عينيه، ولم يأته من الإيمان إلا ما كان عليه من قبل، فهذه المواعظ منها ما هو من كتاب الله أصالةً كتفسير بعض الآيات، ومنها ما هو مستقىً منها ومن السنّة ومبنيٌّ عليهما كعامة المواعظ في هذ (الخزانة)؛ وقدحرصت على التنوع كثيراً وقد أكون وُفِّقت في ذلك وقد أكون أخفقت، وهذا جهدي وسعتي.

وبعض الكلام أطيب من بعض، وبعض الوعظ أنفس من بعض، وقد ميّزت ما هو في نظري حريٌّ بالحفظ والتعاهد باللون الأخضر، وكم أحب أن يستفيد الشباب من هذه المواعظ، وأن ينشروا ما يرونه مناسباً بينهم، أو أن يرسلوها بالبريد أو أن يدّخروها في أجهزتهم لحين حاجتها، فبعض المواعظ فيها بعض طول بحيث تصلح كلمة بعد الصلاة في بعض الرحلات أو غيرها.

ودمتم،،،

ـ[الطبيب]ــــــــ[18 Aug 2006, 05:25 م]ـ

من صفات الله الأول والآخر والظاهر والباطن

قال ابن القيم في طريق الهجرتين:

(فأوليَّةُ الله عَزَّ وجَلَّ سابقة على أوليَّةِ كل ما سواه، وآخريَّتُه ثابتةٌ بعد آخرِيَّةِ كل ما سواه، فأوليَّتُه سَبْقُه لكل شيء، وآخريَّتُه بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريَّتُه سبحانه فوقيَّتُه وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء، بحيث يكون أقرب إليه من نفسه، وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه، هذا لون وهذا لون، فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة، وهي إحاطتان: زمانيَّة، ومكانيَّة، فإحاطة أوليَّتِه وآخريَّتِه بالقَبْلِ والبَعْدِ، فكل سابق انتهى إلى أوليَّتِه، وكلُ آخرٍ انتهى إلى آخريَّتِه، فأحاطت أوليَّتُه وآخريَّتُه بالأوائل والأواخر، وأحاطت ظاهريَّتُه وباطنيَّتُه بكلِّ ظاهرٍ وباطن، فما من ظاهرٍ إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، وما من أولٍ إلا والله قبله، وما من آخرٍ إلا والله بعده، فالأوَّلُ قِدَمُه، والآخرُ دوامه وبقاؤه، والظاهر علوه وعظمته، والباطن قربه ودنوه، فسبق كلَّ شيء بأوليَّته، وبقي بعد كلُّ شيء بآخريَّتِه، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه، فلا تواري منه سماءٌٌٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضاً، ولا يحجب عنه ظاهرٌ باطناً، بل الباطنُ له ظاهر، والغيبُ عنده شهادة، والبعيدُ منه قريب،والسرُّ عنده علانية، فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد، فهو الأوَّل في آخريَّتِه، والآخر في أوليَّتِه، والظاهر في بطونه، والباطن في ظهوره، لم يزل أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير