[نحت الألفاظ وصناعة المصطلحات00000]
ـ[ابو زيد]ــــــــ[01 Jun 2006, 05:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد00
نحت الألفاظ وصناعة المصطلحات000 (مصطلح إسلامي نموذجا)
الإشكال هو عدم التفرقة بين الأسماء والمسميات، فقد تنشأ التسمية متراخية عن المسمى، فلا يعني عدم الاسم و نشوئه بعد ذلك لا يدل على عدم وجود المسمى، فالمسمى غالبا قبل الاسم، فكم من الأشياء/المسميات موجودة حين من الدهر لا أسماء لها، ثم يوجد لها الناس أسماء تدل عليها فهذا مما فطر عليه الناس وهو ابتكار الأسماء للأشياء.
فليس إطلاق الاسم على مسمى يناسبه بدع من القول بل أمر طبيعي فطري، فما بالنا ما إن يطرح لفظ /اسم، يناسب معنى/مسمى موجود ومتوافر فإذا بالنقد غير البناء الذي لا يقوم على أس متين من العلم، و إذ بالقضية تصبح وكأنها قضية القضايا من غير ما برهان و لا دليل ولا تحقيق علمي.
بل نرى تشنج عاطفي ينم عن طابع هجائي، وكل يستطيع أن يقول قولا كهذا، أما إيجاد تقعيد وتأصيل وتأنق في العبارة، فهذا مالا سبيل إليه، إلا أن يكون كل واحد منا طلعة في فن من الفنون خاصة العلوم التراثية يتقن مسائله ودلائله ومصطلحاته التي تخصه، مع إدراك قضايا عصرنا، ففقه الوقع مطلب شرعي.
فالأسماء و المصطلحات التي تطرح بإزاء هذا المعنى أو ذاك فهذا مما تتطلبه أي مرحلة من مراحل أمة تريد لنفسها العزة و الكرامة، فلا إشكال إذن في صناعة المصطلح المناسب لتصف به الأمة كل مرحلة من مراحل نضجها، وإن تبدأ في البدايات نقصان و تقصير فهذا مما لابد منه، فمراحل الطفولة يعتوروها الضعف غالبا و لكن ما أن تلبث مليا حتى تشب عن الطوق في فتوة و اكتمال.
فإن نحن ثربنا وأكثرنا الهجاء كالاعتراض على ما استجد من ألفاظ تصف يقظة الأمة (كمصطلح الصحوة الإسلامية، الأدب الإسلامي، الشريط الإسلامي، الفكر الإسلامي .... الخ) فإننا نحمل الموضوع أكثر مما يحتمل بل هذا هو الداء العضال، وهو عداوة الأمة لنفسها، فانتقاص مصطلحات كهذه فهو في حقيقة الأمر ينصب أصالة على المحتوى شاء فاعل ذلك أو لم يشائه.
وصناعة المصطلحات وهو أن تنشأ مصطلحات جديدة في أي ثقافة ما فهذا ما لا سبيل إلى إنكاره بل أمر طبيعي لا يمكن أن تنهض أمة إلا بصناعة معجمها الذي هو محتوى ثقافتها أي اللغة العلمية التي تعبر بها تلك الأمة عن ذاتها وهويتها وعلومها وتاريخها.
فأمتنا كانت في غياب وتغييب عن دينها وثقافتها فلما كتب لها أن تفيق وتستيقظ كان من حقها أن تعبر عن إسلامها في شموليته و كماله، وأنه الطريق الوحيد لحل أزمة العالم أجمع، فضلا عن الأمة الإسلامية ذاتها، وكان من المناسب أن تنحت من الألفاظ ما يناسب مرحلة استيقاظها.
فهذا الفن وهو صناعة المصطلح ظاهرة حضارية بل سمة فطرية فطر الله آدم عليها [وعلم آدم الأسماء كلها].
ونحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مات و قد اكتمل النص القرآني و النص النبوي و هما النصان المركزيان في تأسيس العلوم كافة في الثقافة الإسلامية، فكل علم نشأ- في ظل هذان النصان الشريفان- له مصطلحاته التي تخصه بل ظهرت ألفاظ و مصطلحات لم تأتي في النصان الشريفان ولم يقلها الصحابة، و مع ذلك لم ينكرها فطاحلة العلم لأن دلالتها صحيحة، وأتت متوافقة مع ما أتت به الشريعة، فما موقفنا لو أن الشافعي بلور كتابه الرسالة في عصرنا و ما مصير الشاطبي لو ابتكر موفقاته في زماننا ونحن نعلم أن كتابهما مليآن بمبتكرات من الاصطلاح و دقائق من العلم تقصر هممنا أن تمثلها فضلا أن نبدع و نبتكر.
فهذا الإبداع و الابتكار من الشافعي و ألشاطبي فيما يخص الشريعة في صميمها أمر مما يحمد لهما.
فلما إذن ننكر مصطلحات معاصرة تعبر عن حالة أمتنا الراهنة في حال استيقاظها جذر تلك المصطلحات يضرب في عمق أصالتها، ولم يخرج عن قانون لغتها.
فإذا ما وسعنا النقد لكل ما يجد من مصطلح و لفظ بأسلوب هجائي من غير ما تحقيق فهذه سطحية فكرية مفرطة تنم أنا نجتر الكلام اجترارا، أما من كشف عن مصطلح مثقل بمضمون من المعنى لا استقامة فيه فهذا مطلب لا جدال في أهمية حصوله،وجودة مثل هذا النقد.
¥