تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القول بتوحيد رؤية الأهلة مخالف للأدلة]

ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[24 Oct 2006, 02:01 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة و هداية للعالمين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين. أما بعد

فقد تقدمت مشاركات لي في بيان مخالفة القول بتوحيد رؤية الأهلة للنصّ و الإجماع، ثم رأيت أن أفرد للمسألة بحثا أكثر بيانا و تفصيلا، وآثرت وضعه في مشاركة مستقلة:


توحيد رؤية الأهلة مخالف للأدلة
عند تباعد البلاد

* برزت منذ مدة دعوة لما سمي " بتوحيد رؤية الهلال " – و بخاصة هلال شهر رمضان – و ذلك لتوحيد يوم بدء صيام رمضان بين معظم الدول الإسلامية، بدعوى العمل على وحدة المسلمين في أقطار الأرض في تلك الشعيرة.
و هو مقصد حسن شرعا، و لكن وسيلته تلك محل نظر.
و من المثير للعجب استمرار تلك الدعوة بعد أن انقلبت إلى عكس الغرض المقصود منها؛ إذ أدت إلى تفرق أهل الوطن الواحد و اختلافهم في يوم بدء صومهم؛ فالبعض يصوم يوم ثبوت رؤية هلال بلده، بينما البعض الآخر في نفس القطر يصوم في يوم آخر تبعا لرؤية هلال قطر آخر! فكأننا نفترق في البلد الواحد لنجتمع مع البلد الآخر!
تناقض ما بعده تناقض، حيث يفترق المتفق و يختلف المؤتلف في الوطن الواحد بزعم تجميع المختلف من البلاد. فأيهما أولى بالوحدة؟ {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذى هو خير}؟ - و الباء تدخل على المتروك – {ما لكم كيف تحكمون}؟!

* * *
و يقولون إن ذلك هو الأمر الراجح، و لن نقول إنه المرجوح عن غيره، بل نقول إنه (غير مشروع) أصلا: أي أن القول بتوحيد رؤية الأهلة عند بعد البلاد مخالف لأدلة الشرع الحكيم. و هو ما سنبينه بعد إن شاء الله.
و قد نصّ على تلك المخالفة للشرع مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي؛ فقد جاء في قراره – رقم 7 – بخصوص (بيان توحيد الأهلة من عدمه) ما يلي: " فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما لما جاء شرعًا وعقلاً "، و ذلك في الدورة الرابعة لانعقاده بتاريخ 15/ 10/ 1425 هـ (الموافق 28/ 11/2004 م)، و سيأتي ذكره بعد. [1]
و المقصود بقولهم " توحيد رؤية الهلال ": أن تكون رؤية أهل بلد (قطر) للهلال رؤية معتبرة شرعا لغيرهم من أهل البلاد الأخرى، المشتركة معه في جزء من الليل، قلّ أو كثر؛ يبنون صيامهم و غيره عليها.
و عليه: فرؤية أهل بلد (قطر) للهلال هي رؤية - يدّعونها معتبرة شرعا - لكثير غيره من البلاد العربية و الإسلامية، و هذا أمر غير مسلّم، بل غير معتبر من جهة الشرع؛ فلا اعتبار في الشرع لذلك الاشتراك في جزء من الليل عند رؤية الهلال حال تباعد البلاد، و المخالف عليه الدليل، والقول بتوحيد رؤية الهلال على هذا المعنى (و في غير بلاد القطر الواحد) مخالف للنص الصحيح و الإجماع الصريح:
1 – أما النص: فهو حديث صحيح الثبوت أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه "، كما أنه صريح الدلالة لمن يتأمله، و هو حديث مذكور في (باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، و أنهم إذا رؤا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم):
(حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وبن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن محمد وهو بن أبي حرملة عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشك يحيى بن يحيى في نكتفي أو تكتفي.).
فلم تجزئ رؤية أهل الشام للهلال عند أهل المدينة لكي يصوموا عليها.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير