[تخرج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين لتجمع لا لإعطائها الفقراء]
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[07 Oct 2006, 03:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[تخرج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين لتجمع لا لإعطائها الفقراء]
قال شيخنا عبد العزيز الحنوط حفظه الله تعالى:
قال العلامة محمد إبراهيم شقرة ـ حفظه الله ـ في كتابه الماتع " إرشاد الساري إلى عبادة الباري" (القسم الثالث ـ الصيام ... ) (94 ـ 98):
" وكما أن الله سبحانه قد أعلمنا بوحيه عن طريق نبيه صلى الله عليه وسلم الأصناف التي تُخْرَجُ منها زكاة الفطر ومقدارها، فقد أعلمنا أيضا الوقت الذي يجب إخراجها فيه.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " كنا نُخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام ... الخ ". وقد تقدم ذكر هذا الحديث، وموضع الشاهد فيه قوله: " يوم الفطر " فبين هذا الحديث اليوم الذي تُخرج فيه زكاة الفطر.
لكن ابن عمر رضي الله عنهما بيَّن لنا الوقت الذي تخرج فيه زكاة الفطر من يوم الفطر فعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر بأن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة ـ أي صلاة الفطر ـ.
والمعقول الذي لا معقول سواه أن المراد بكلام ابن عمر: " أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة " أي وبعد طلوع الفجر، إذ لو كان قبل طلوع الفجر وقتا لها، لنصَّ على ذلك نصاًّ صريحا ً، لئلا يلتبس الأمر على السامع، ولكن لما كان المتبادر من هذا اللفظ إنما هو بعد طلوع الفجر اقتصر عليه وحده.
وقد مرَّ معنا في الكلام على معنى " أمر " و " فرض " أن كلاًّ منهما يفيد الوجوب، فقول عبد الله بن عمر أمر رسول الله. أي: أوجب علينا، لا معنى لها غير ذلك. ولم يفهم الصحابةُ غيره، ولو فهموا غيره لكان فعلُ بعضهم دالاًّ عليه، ولكنهم جميعا متفقون على أن وقت زكاة الفطر هو هذا دون غيره، والاختلاف على وقت إخراجها حدث من بعدهم، ولو كان الاختلاف واقعا في هذا الأمر في حياتهم، لوجب ردُّه إلى الله ورسوله للفصل فيه. وأنىَّ للقائلين بجواز إخراج زكاة الفطر في غير هذا الوقت أن يأتوا بدليل على ذلك، إلا أن يكون محض الرأي، والله سبحانه إنما تعبَّدنا بوحييه، الكتاب والسنة، أما رأْي الرجال فليس له معهما إلا مجرد الذكر. قال ابن حزم رحمه الله: " ووقت زكاة الفطر ـ الذي لاتجب قبله، وإنما تجب بدخوله، ثم لا تجب بخروجه ـ فهو: إثر طلوع الفجر من يوم الفطر، ممتدأً إلى أن تبيضَّ الشمس، وتحل الصلاة من ذلك اليوم نفسه "، وهو قول ٌ حقٌّ لا ريب فيه.
ويزيد هذا توكيدا وتوضيحا حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة ٌ من الصدقات ".
وهذا الحديث فيه دلالة ضمنية على أن زكاة الفطر لا يخرجها الصائم إلا بعد انقضاءِ أيام صومه، وذلك قوله: " طُهرةً للصائم "، فما دام أن أيام الصوم باقية، فذمَّةُ المسلم متعلقةٌ بها لأدائها صياما، ولا تبرأُ ذمته من صيامها إلا بعد أن تنقضي أيام الصيام، ومادام في صوم فهو عرضةٌ للرفث واللغو، فإن أدى زكاة الفطر قبل انقضاء أيام الصوم، فإن جُزءأً من صومه حينئِذٍ لا تتناوله زكاةُ الفطر بالتَّطهير، ممَّا قد يتعرض له الصائِم من اللَّغو والرَّفَث.
ثم إن كلمة زكاة الفطر تدل بحروفها على أنها مرهونةٌ بانتهاء الصائم من صومه، وأنها لم تُسمَّ بهذا الاسم إلا لذلك، وذلك بدخول أول يوم من شوال، ودخول هذا اليوم إنما يكون بعد طلوع فجره، وهذا ماذكره ابن حزم رحمه الله في قوله المتقدم قريبا، وكلمة يوم هنا تطلق على النهار فقط، وإنما أُضيفت إلى الفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان.
وقد رويت أقوالٌ كثيرةٌ في وقت إخراج زكاة الفطر، حتى إن بعضهم يرى جواز إخراجها في اليوم الأول من رمضان، بل إن بعضهم يرى جوازها لعامين، وأقربهم إلى الصواب من يقول بجواز إخراجها قبل الفطر بيومٍ أو يومين، وحجتُهم في ذلك ماجاء في صحيح البخاري: " وكانوا يعطون ـ أي زكاة الفطر ـ قبل يوم الفطر بيوم أو يومين ".
¥