[هذا المد ليس له أصل! «غلط يقع فيه أكثر المؤذنين»!]
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[06 Jul 2006, 07:54 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليما. أما بعد:
فإن الأذان من العبادات العظيمة التي دلت النصوص على أهميته، وبيان فضله، وفضل من قام به.
وهذه العبادة العظيمة يكثر أن يقوم بها من ليس من أهل العلم؛ فيكثر تقليدهم لمن سبقهم من المؤذنين من غير تمييز لما في أدائهم من أغلاط.
وقد ذكر أهل العلم شيئا من الأغلاط التي سمعوها من المؤذنين، ونبهوا على ذلك في كتبهم.
وهناك أغلاط يشبه أن تكون حادثة لم تكن في السابق، كالمدود الطويلة المبالغ فيها في غير مواطن المد؛ كما هو ظاهر في أذان مؤذني المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وهي عند غيرهم بكثرة، وإن لم تصل إلى ما وصلت إليه عندهم، و في هذه السنين كثر تقليد المؤذنين لهم، واستعذب طريقتهم كثير من الناس!
ومن أبين الأغلاط عندهم أنهم يمدون مدودا اخترعوها لا أصل لها = حتى صار يستغرب أذان من لم يؤذن مثلهم!
ومن ذلك مد كلمة «الله» حتى تكون هكذا: الاـ ااااااااا ـه، وبعضهم يزيد على ذلك.
وكذا كلمة «الصلاة» حتى تكون هكذا: الصلاااااااااا ة، وبعضهم يزيد على ذلك.
وكلمة «الله» لو كتبت حسب نطقها، لكتبت هكذا: اللاه، وعليه فهذا الكلمة فيها مد في حالة الوقف عليها فقط، وهو ما يسمى عند علماء التجويد بالمد العارض للسكون، وهذا يكون فقط في لفظ الشهادتين، وكلمة التوحيد في آخر الأذان.
أما في التكبيرات فلا يجوز المد و لا يصح؛ لأنه لا يوجد سبب للمد؛ فهو لا يقف عليها بل يقف على كلمة «أكبر».
وأما كلمة «الصلاة» فإن لها في الأذان موضعين في قول: «حي على الصلاة» فهنا يجوز مدها؛ لأنه سيقف عليها، ويكون المد له سبب، وهو: وجود السكون العارض لأجل الوقف بعد الألف المدية.
لكن لا يجوز مدها في قول: «الصلاةُ خير من النوم» لأن التاء مضمومة حيث لم يقف عليها، فالمد هنا لا سبب له.
تنبيه:
هناك أغلاط أخرى مشهورة قد نبه عليها العلماء لكن الذي أحببت التنبيه عليه هنا هو هذا، وقد تأتي مناسبة أخرى لبيان غيرها.
تنبيه آخر:
ينبغي للمؤذن تعلم أحكام التجويد، فهو من أهم ما يضبط النطق، و يعين على الصواب.
فائدة:
وجدت هذا النقل في فتاوي الشيخ ابن بإبراهيم رحمه الله 2/ 125:
التمديد الزائد عن المطلوب في الأَذان ما ينبغي، فإِن أَحال المعنى فإِنه يبطل الأَذان، حروف المد إِذا أُعطيت أَكثر من اللازم فلا ينبغي. حتى الحركات إِذا مدت إِن أَحالت المعنى لم يصح وإِلا كره. بعض المؤذنين يمد الواو من النوم. حرف المد هو الواو فتعطى حقها من المد ولا تمد كثيرًا. أَما النون فلا مد فيها. وكان يوجد في مكة تلحين كثير، وهذا سببه جهل وعوائد، وكونه لا يختار من هو أَفضل، وكأَنه في الآخر أَخف. (تقرير)
وفي نفس الصفحة:
من محمد بن إبراهيم إِلى حضرة المكرم رئيس مؤذني المسجد الحرام بمكة المكرمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
يجب أن تبلغوا جميع مؤذني المسجد الحرام أَن يؤذنوا أَذانًا سمحًا سهلا، ويجتنبوا المط والتمديد، إِن هذا التمديد والمط الذي يستعملونه الآن في الأَذان مخل بشرعيته، فعليهم اجتناب ذلك والتمشي بما يوافق الشرع، وأَن يكون أَذانهم مثل المؤذن الذي يؤذن في زمزم حالا، وعليكم إِخبارهم بذلك ومراقبتهم عن الإِخلال به. والسلام عليكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:02 م]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه الفائدة.
يرد هنا سؤال: هل أحكام تجويد القرآن تطبق على غيره، أم هي مختصة بالقرآن فحسب فلا تتعداه إلى الحديث النبوي وغيره كالأذان هنا؟
فالذي يترجح لي أن أحكام التجويد المراعاة في تلاوة القرآن الكريم مختصة به، لا بنبغي التثريب على من لم يلتزم بها في غيره كالأذان، فليس هنا موضع للوم المؤذن على مده في غير موضع المد، أو نحو ذلك، لأن هذا ليس موضعاً لوجوب مراعاة التجويد. وهذا لا يعني تأثيم من يطبقها في غيره عند قراءته للحديث أو لكتب العلم، ولكن ليس فعله ذاك بواجبٍ عليه، وإن كان البعض كره تلحين وتجويد غير القرآن. وهذه مسألة أرجو مناقشتها من قبلكم يا شيخ عبدالرحمن حتى يتبين لنا الصواب في المسألة، فليس ما ذكرتهُ قولاً فصلاً عندي، وأنا ألتمس المعرفة حوله.
وأمرٌ آخر قد يُعتذر به لمن يُطيل في الأذان على وجهٍ مقبولٍ، وليس على وجهٍ فيه مبالغةٌ شديدةٌ كما في تنبيه الشيخ عبدالرحمن السديس هنا، وهو أن العرب من عادتها عند النداء أن تمد أصواتها بالنداء دون مراعاة أحرف المد دون غيرها، بل المد بالصوت مطلقاً. كقولهم (واصباحاه! وا غوثاه! النجدة!) وغيرها، فهم يرفعون بها أصواتهم ويمدونها مداً يحمل في طياته معنى الاستغاثة والنداء للسامع، وإبلاغ النداء أقصى مدى يمكنه، وهذا المعنى يتحقق في الأذان، فهو نداء للسامعين للصلاة.
وأمرٌ أخيرٌ حضرني وهو أن نداوة الصوت في الأذان لا تظهر إلا في المدود فيما يبدو لي، فلو طولب المؤذن بتطبيق التجويد في الأذان لما ظهر هذا إلا في بعض جمله دون بعض.
والأمر مطروح للنقاش، فمن كان لديه إضافة، أو أدلة، أو بحوث فليفدنا بها كما صنع أبو عبدالله الشيخ عبدالرحمن السديس وفقه الله وزاده علماً وتوفيقاً، فما هذه الفائدة بأول فوائده. وهناك كتاب في (أحكام الأذان) عندي، لكنه بعيدٌ عني الآن، لا أظنه يغفل مثل هذه المسألة، فلو روجع لربما أفادنا في هذه المسألة.
¥