ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[09 Jun 2006, 10:08 ص]ـ
هل الأولى أن تُكتب (يفقِّهُّ) بهاء واحدة أم بهائين يفقهه وتقرأ فقط يفقهُّ، أي أن واجب القارئ أن يُدغمها لا الكاتب! كما نفعل في (أردت) فنقرأها أرتُّ ولا نحذف الدال في الخطّ. أهذا هو الصواب إذن لأننا ندغم في الخطّ فقط ما هو من أصل الكلمة مدغماً،أما إذا كان أحد الحرفين ضميراً فلا نفعل خطّأً بل نفعل نطقاً.؟ فإذا ربتُّ على كتفك أبتاء واحدة أم تائين؟ نرجو من الإخوة أولي الباع في الخطّ والرسم إفادتنا مشكورين.
وقد لفت انتباهي مرّةً كتاب منسوب إلى أبي حنيفة النعمان يشكُّ فيه المحققون اسمه (الفقه الأكبر) يقول في مقدمته: اعلم أن الفقه في الدين أفضل من الفقه في العلم ... فلفت انتباهي إلى إعادة التفكير في الحديث (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) الذي تذكره كتب الفقه حجةً شرعيةً لوجودها. فاتجه تفكيري إلى التساؤل الآتي:
أيكون قصد النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذن أن الفقه في الدين هو علم التوحيد والكلام وأصول الدين وفقه الموقف من الرأسمالية والاشتراكية والوجودية واليهودية والنصرانية والجهاد والثورة على الحكام والعمالة والإمامة وتوزيع الثروات والولاء للقبيلة في أي حدود وللدولة في أي حدود والبيعة وميتة الجاهلية والموقف من شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً؟ والملل والنحل والموت والحياة؟
أم أن قصده صلى الله عليه وسلم أحكام الطهارة والمياه التي يجوز بها التطهير سبع مياه، وما الطاهر المطهر المكروه وغير المكروه، وما دون القلتين، وحكم السواك وجلود الميتة، والحيض والنفاس والجنابة وأركان الصلاة وهيئاتها، وهل تحريك الإصبع في التشهد واجب؟ وكيف كان يحرك؟ وما الحكمة من التحريك؟ ووضع الأيمان على الشمائل وهل هو وضع أم قبض؟ وموضع الوضع تحت السرة أم فوقها؟ والهبوط على الركب أم على الأيدي مما أسأل الله أن يغفر لي إنفاق نفيس الوقت في كثير منه. وربما فقدت بعض أصدقائي لأنني لم أتخذ موقفه أو لم أذكر بخير من علَّمه التعصب لإحدى هاتيك الاختيارات؟!!! ثمّ ندمتُ فيما بعدُ حين علمتُ أن الفقهاء غير متفقين على (وضع اليدين) ونحن نختلف في الموضع!!!؟
فقد علمتُ متأخِّراً أن هؤلاء كانوا يرسلون أيديهم كما يفعل اليوم المالكية والزيدية والإباضية والروافض: فقد حكي القول بالإرسال عن:
1 - عبدالله بن الزبير
2 - الحسن البصري
3 - النخعي
4 - ابن سيرين
5 - رواية عن مالك وهو الأشهر وعليه جمهور أهل المغرب من أصحابه وجمهورهم
6 - الليث بن سعد وقال: يرسلهما، فإذا طال عليه ذلك وضع اليُمنى على اليُسرى للاستراحة
7 - الأوزاعي: قال هو مخيَّرٌ بين الوضعِ والإرسال
[نقله صاحب موسوعة الإجماع 2/ 652 عن: الترمذي 1/ 388، والمجموع للنووي 3/ 270، والمغني لابن قدامة 2/ 9]
هل كان هؤلاء يُصلون مختفين عن أصحابهم وجماهيرهم؟ أم أن كلا منهم كان قدوةً للمصر الذي هو فيه؟!!
ثمّ بعد أن اطلعت على ذلك دبّ في خلدي من الأفكار ما لا تعلمون!
تساءلتُ عن العلاقة بين (الفقه والمحدثين)
ولماذا شاع مذهبهم قديماً ولماذا يشيع حديثاً؟ وأقصد بقديماً القرن الثالث إذ قد بدا لي أن القرن الثاني كان على طريقة الفقهاء، ثم بدأ نفوذ أهل الحديث يدبُّ في صفوف الفقهاء لأسباب معظمها غير علمي. أعني أن الفقهاء كانوا في الواقع أقرب إلى السنة من المحدثين على خلاف الرأي الشائع.
هذا ما أداني إليه تفكيري في النصوص التي اطلعت عليها من القرن الثاني.
وهل لنا أن نتساءل عن نوع طريقة التفكير التي نفهم بها، وقبل ذلك نختار بها النصوص؟
هذه تساؤلات أظنّ أنها جديرةٌ بالتفكُّر لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد.
فتساؤلات الأخ سيف الدين لا تنم إلا عن صدقه مع نفسه. والصدق مع النفس هو الخطوة الأولى نحو الصلاح والصلاح لأنه يعني (إعلان الجهل) وهذه القفزة لا يقوى عليها إلا ألو النفوس الكبيرة.
لقد قال أبو يوسف القاضي (وهي منسوبةٌ أيضاً إلى إبراهيم بن سيار النظام): "إنّ العِلمَ لا يُعطيك بعضه حتى تُعطيه كُلَّك". فما أروع كلمة الأخ سيف الدين أنه قد منح إجازة لا يدري في ماذا؟
وقد نمت كلمات الأخ سيف عن أنه من أحد بلدان المغرب، لأن للمغرب من قديم صدقاً افتقد بعضه كثير من أهل المشرق. وهذا هو السر،أو بعضه، في أنّ عُلماء المغرب بعد القرن الثالث للهجرة هم صفوة علماء الإسلام.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[12 Jun 2006, 05:23 م]ـ
الاخ الدكتور عبد الرحمن الصالح ...
بارك الله فيك ولفت نظري اشارتك المهمة:
"قد بدا لي أن القرن الثاني كان على طريقة الفقهاء، ثم بدأ نفوذ أهل الحديث يدبُّ في صفوف الفقهاء لأسباب معظمها غير علمي. أعني أن الفقهاء كانوا في الواقع أقرب إلى السنة من المحدثين على خلاف الرأي الشائع." ولربما وقفنا لاحقا على ما تفضّلت به ...
¥