، وَفَسَادُهُ بِفَسَادِهِمَا، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ: صِنْفَانِ مِنْ النَّاسِ إذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ، وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَ النَّاسُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: الْمُلُوكُ، وَالْعُلَمَاءُ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:
رَأَيْت الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ *وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ *وَخَيْرٌ لِنَفْسِك عِصْيَانُهَا
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إلَّا الْمُلُوكُ * وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا
1/ 10: [صفة المفتي]
لَمْ تَصْلُحْ مَرْتَبَةُ التَّبْلِيغِ بِالرِّوَايَةِ وَالْفُتْيَا إلَّا لِمَنْ اتَّصَفَ بِالْعِلْمِ وَالصِّدْقِ؛ فَيَكُونُ عَالِمًا بِمَا يُبَلِّغُ صَادِقًا فِيهِ، وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ حَسَنَ الطَّرِيقَةِ، مَرَضِيَّ السِّيرَةِ، عَدْلًا فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، مُتَشَابِهَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ وَإِذَا كَانَ مَنْصِبُ التَّوْقِيعِ عَنْ الْمُلُوكِ بِالْمَحِلِّ الَّذِي لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُ، وَلَا يُجْهَلُ قَدْرُهُ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ السَّنِيَّاتِ، فَكَيْف بِمَنْصِبِ التَّوْقِيعِ عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ؟!
فَحَقِيقٌ بِمَنْ أُقِيمَ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ أَنْ يَعُدَّ لَهُ عِدَّتَهُ، وَأَنْ يَتَأَهَّبَ لَهُ أُهْبَتَهُ، وَأَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ الْمَقَامِ الَّذِي أُقِيمَ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ فِي صَدْرِهِ حَرَجٌ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ وَالصَّدْعِ بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ وَهَادِيهِ، وَكَيْف هُوَ الْمَنْصِبُ الَّذِي تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ رَبُّ الْأَرْبَابِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} وَكَفَى بِمَا تَوَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ شَرَفًا وَجَلَالَةً؛ إذْ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}، وَلِيَعْلَمَ الْمُفْتِي عَمَّنْ يَنُوبُ فِي فَتْوَاهُ، وَلِيُوقِنَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ غَدًا وَمَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ.
1/ 12:
وَاَلَّذِينَ حُفِظَتْ عَنْهُمْ الْفَتْوَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةٌ وَنَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ نَفْسًا، مَا بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَكَانَ الْمُكْثِرُونَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ حَزْمٍ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ مِنْ فَتْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِفْرٌ ضَخْمٌ قَالَ: وَقَدْ جَمَعَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونِ فُتْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي عِشْرِينَ كِتَابًا.
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ الْمَذْكُورُ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Jul 2006, 12:43 ص]ـ
1/ 29:
[أُصُولُ فَتَاوَى أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ «مختصر»]
1 - النُّصُوصُ ...
2 - مَا أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ ...
3 - إذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ تَخَيَّرَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَا كَانَ أَقْرَبَهَا إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَقْوَالِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ مُوَافَقَةُ أَحَدِ الْأَقْوَالِ حَكَى الْخِلَافَ فِيهَا وَلَمْ يَجْزِمْ بِقَوْلٍ ...
¥