تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن الضعف أن يكون طالب العلم قليل الاستدلال بالقرآن، الحجة في الكتاب والسنة مبينة للقرآن وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. فالاحتجاج بالقرآن هو أعظم الاحتجاج، والسنة مبينة للقرآن، مبينة للمجمل، مخصصة للعام، مقيدة للمطلق، وهكذا في بيانات في أنواع البيان، والتخصيص والتقييد والعموم .. إلى آخره.

لهذا ينبغي لك أن تتعاهد هذه المسألة من نفسك، تأمل هذا الدليل إذا حفظت يكون معك أدلة المسائل.

الرابع: أنك إذا وطنت نفسك على الاستدلال اجمع النظائر، يعني مثلا مسألة في المساجد، الكلام على أحكام المساجد: في القرآن فيه آيات كثيرة في أحكام المساجد، إذا كنت حافظا للقرآن، أو كثير التلاوة، مستظهرا للآيات، فوطن نفسك ودرّب نفسك على أن تكون الآيات في المساجد معك دائما.

الآيات في تدبر القرآن معك دائما، عدد من الآيات في إيجاب الصلاة معك دائما، عدد من الآيات في ذكر الآخرة معك دائما، عدد من الآيات في ذكر مراقبة الله -جل وعلا- معك دائما، عدد من الآيات في ذكر التقوى ومراتب التقوى والأمر بها معك دائما.

وهكذا في أصناف العلم، مع الزمن تجتمع عندك حصيلة كبيرة جدا في الآيات، مصنفة في قلبك وفي ذهنك، لأنها تأتي تباعا، مثلما أنك تحفظ سورة من أولها إلى آخرها، تقرأ مائة آية تلو بعض ولا تخطئ، كذلك إذا رتبت نفسك في الاستدلال ستجد أن هناك آيات كثيرة في أحكام المساجد متوالية، في تدبر القرآن متوالية، في ذكر استدلالهم في التوحيد في أن الدعاء هو العبادة متوالية، في أن دعاء الموتى شرك أكبر بالله -جل وعلا- متوالية، فيما دعت إليه الرسل تأتي تباعا.

وهذا في الحقيقة يقويك من جهة فهم العلم، وفهم ما أنزل الله -جل وعلا- على رسوله، والخروج من التقليد في ذلك إلى معرفة الحجة والاستدلال.

ثم يقويك إذا أردت أن تتكلم في خطبة، أردت أن تتكلم في محاضرة، أن تعظ الناس، أن تُذكر أهلك، أن تذكر أصحابك ومن حولهم، أن تلقي كلمة يكون معك شيء.

والدين ليس بالآراء، إن الواحد يجتهد ويفكر، ويبدأ يتكلم بكلام كله من محض الأفكار التي عنده، لا، الدين مبناه على: قال الله، قال رسوله -صلى الله عليه وسلم-. ثم طالب العلم بفهمه للشريعة يوضح معاني الكتاب والسنة، هذا هو العلم.

فإذا علمت تبويب الاستدلال بالقرآن والأدلة من السنة شيئا فشيئا، لا شك أن الذي أمضى زمنا طويلا في العلم يجتمع عنده من الأدلة والتبويب ما ليس عند المبتدئ، ومن فهمه للأدلة وفي تصنيفها، لكن شيئا فشيئا تجتمع عندك وتتبوب، فيكون عندك من الاستدلال الشيء الكثير.

فإذا علمت العلم كان عندك طرف صالح من التوحيد والعقيدة، وعندك طرف صالح في أحكام الفقه، ثم في الآداب، وتنوع ذلك، ثم في مسائل أخر، فإذا أتيت تتكلم عن مسألة تتوارد عندك الأدلة، ثم بعد ذلك تبين معاني كلام العلماء في بيان معاني الكتاب والسنة.

لهذا حقيقة من هو العالم؟ العالم هو الذي فَقه الكتاب والسنة، ثم بين للناس دلالات الكتاب والسنة، هذا هو العالم، العالم ناقل، العالم مبلغ مأمون على تبليغ دلائل الكتاب والسنة.

العالم ليس مخترعا للأحكام يبتدئ بها من عند نفسه، العالم ليس بذي رأي، يأتي بالأشياء المنصوص عليها هكذا من جهة نفسه لا، العالم يعلم ما جاء في القرآن وما جاء في سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبين للناس معاني الكتاب والسنة، هذه وظيفة العالم.

فإذا جاءته مسألة ليس فيها عنده، يعلم فيها استدلال من الكتاب أو السنة، فإنه لأجل علمه ومعرفته بالأدلة، ومعرفته بحدود ما أنزل الله -جل وعلا- على رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يجتهد، فإذا أصاب فله أجران: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة التي وفقه الله -جل وعلا- إليها، وإن أخطأ فله أجر واحد، وهو أجر اجتهاده مع وجود آلات الاجتهاد عنده في ذلك.

لهذا ينبغي لك أن تكون هذه المسالة منك على ذكر وبال، وهي مسألة مهمة لا تستهن بها، ولا تجعلها تمر هكذا، لا بد لك من تبويب نفسك مع القرآن، جهة كثرة التلاوة والتعبد بذلك، ومراجعة محفوظك، ثم أن ترتب نفسك في الأدلة.

تمرن نفسك على أن هذه الآية دليل كذا، هذه الآية دليل في كذا، ثم بعد ذلك تبوب هذه الأدلة من القرآن في الموضوعات المختلفة، تلحظ أنك بعد سنين إذا أردت أن تتكلم عن مسألة جاءت عدة آيات فيها، ثم بعد ذلك تبين معنى الآيات، ثم ما جاء في السنة، ثم كلام أهل العلم على ذلك، وما يتصل بهذه المسألة، هذا هو العلم في الحقيقة، هذا نقل العلم يكون بهذه الوسيلة.

أسأل الله -جل وعلا- أن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وأن يعلمنا منه ما جهلنا، وأن يذكرنا منه ما نسينا، إنه سبحانه جواد كريم.

من شرح بلوغ المرام للشيخ صالح ال الشيخ وفقه الله ( http://www.taimiah.org/Display.asp?ID=67&t=book07&pid=1&f=blm0058.htm# عنوان20055)

ومن عادة الشيخ حفظه الله أن يبدأ دروسه بتوجيهات لطلاب العلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير