تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - ونحن نرى أنّ منهج التسرّع في التكفير منهج خاطئ مخالف للسنّة النبوية، فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عشرات من الأحاديث التي تعتبر (تواتراً في المعنى) أنّ من قال: لا إله إلاّ الله دخل الجنّة، وأنّ من قال لا إله إلاّ الله حرّم الله عليه النار، وأنّ من قال لا إله إلاّ الله عصم دمه، وأنّ من صلّى إلى قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو مسلم، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في كثير من أحاديثه الصحيحة عن تكفير المسلم. وننصح إخواننا العاملين للإسلام والدعاة أن لا يقعوا في هذا المنزلق الخطير الذي يؤدّي إلى تمزيق الأمّة وتمكين عدوّها منها.

4 - أمّا سبّ الصحابة فهو من الكبائر، لأنّه يناقض وصف الله لهم في قرآنه الكريم بأنّهم {خير أمّة أخرجت للناس} وكلمة الأمّة تشمل جميع الصحابة. فكيف لو توجّه السباب إلى خيار الصحابة الكرام الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم في كثير من أحاديثه الصحيحة بأنّهم من أهل الجنّة.

ورغم أنّ سبّ الصحابة قد يؤدّي إلى الكفر إذا كان فاعله يقصد تكذيب القرآن (وهذه هي حجّة من يرى تكفير من سبّ الصحابة)، إلاّ أنّ الذين يقعون في هذه الكبيرة يؤوّلونها عادة حتّى لا يقعوا في تكذيب القرآن، وإن كان تأويلهم غير مقبول في العقول، ولكن وجود هذا التأويل يجعلنا نحجم عن التكفير ونكل أمرهم إلى الله.

5 - القول أنّهم أخطر على المسلمين من اليهود، مبالغة خاطئة لا يجوز أن يقولها مسلم، فخطر اليهود على الإسلام والمسلمين خطر مطلق يشمل العقيدة أساساً وفروعاً، ويشمل الشريعة كلّها، ويمتدّ ليشمل الأرض والعرض والثروات والأوطان. ولا يمكن أن يكون خطر الشيعة – وهم مسلمون إجمالاً – على السنّة إلاّ نتيجة تكبير الاختلاف في بعض الجزئيّات، وتناسي التوافق في الأمور الأخرى، وهو أكبر بما لا يقاس. إنّ هذا المنهج يفتح الخصومات بين المسلمين أوسع ما يكون، ويمزّق الأمّة إلى شرائح مذهبية كما كانت في الجاهلية ممزّقة بين مجموعات قبلية، ولا يستفيد من ذلك إلاّ الأعداء، بينما أمر الله تعالى لنا: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا}، وهو يوجّهنا عند الاختلاف أن نرعى حقّ الأخوّة فيما بيننا ونسعى إلى الإصلاح {إنّما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم (

6 - أمّا أنّهم سيتفرّغون لأهل السنّة، فهو كلام خطير جداً بحق السنّة والشيعة، إنّهم اليوم يواجهون اليهود فعلاً بكلّ قواهم. والمفروض أنّ هذا الأمر يستثير مشاعر الوحدة بيننا وبينهم ضدّ العدوّ المشترك، فهل يعقل أن نستثير نحن مشاعر العداوة بناءً على أمر أقصى ما فيه أنّه محتمل، ونعطّل مشاعر الوحدة التي يأمر بها الله تعالى، ويفرضها أمر قائم وهو العدوّ اليهودي؟ نعم قد يوجد منهم من يغلب الخلاف معنا على خلافهم مع اليهود، كما يوجد بيننا من يغلب خلافنا معهم على خلافنا مع اليهود، ولكنّ هؤلاء قلّة والحمد الله عندنا وعندهم. والتعاون بين الشيعة والسنّة في لبنان وفلسطين قائم بكلّ ثقة. وأحسن هدية تقدّم لليهود إشاعة أجواء الخلاف والعداوة بين السنّة والشيعة. بل هي مناقضة لصريح القرآن {لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .. } فكيف يقال بعد ذلك أنّ الشيعة أخطر من اليهود؟

7 - قال الله تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا. إعدلوا هو أقرب للتقوى .. }

كيف يقول إنسان عاقل: إنّ النصر الذي تحقّق على يد المقاومة الإسلامية في لبنان، وانسحاب العدو الصهيوني نصر مزعوم؟ والعالم كلّه شهد بذلك، فضلاً عن العرب والمسلمين، حتّى المستسلمين فيهم والمهرولين للتطبيع مع العدو. وماذا نقول لإخواننا (السنّة) وعددهم في المناطق المحرّرة حوالي ثمانين ألفاً، وقد عاد المهجّرون منهم إلى بيوتهم وأهلهم بفضل المقاومة الإسلامية التي قاتل الجميع في ظلّها. رغم أنّ إخواننا الشيعة هم قادتها وجمهورها الأكبر، بحكم أنّ الأكثرية الساحقة من المناطق التي كانت محتلّة يسكنها شيعة. ومن المعروف أنّه عندما كانت إسرائيل تحتلّ مدينة صيدا، كانت المقاومة الإسلامية سنّية. ألا يفترض بكلّ مسلم غيور أن يدعو للتعاون بين السنّة والشيعة في مواجهة العدو الصهيوني وسائر الأعداء، بدل أن يستثير كوامن الخلاف بيننا وبينهم فيزداد العدوّ تسلّطاً علينا وتمكّناً منّا؟

وكيف لا نفرح بالنصر الذي تحقّق بطرد اليهود من بيوتنا، ورجوع أهلنا وشعبنا إلى ديارهم. والله تعالى يقول: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .. } وهذا النصر كان للروم على الفرس، وكان المسلمون ضعفاء في مكّة المكرّمة، ومع ذلك فقد شرع الله لهم الفرح بهذا الانتصار. فكيف يجوز لنا أن لا نفرح بانتصار إخواننا الشيعة وتحرير أرضهم من المحتّلين اليهود؟ إنّه من الواجب أن نفرح، ليس فقط لأنّ لنا إخوة من السنّة تحرّرت أرضهم من رجس الاحتلال، وليس فقط لأنّ إخواننا الشيعة حرّروا أرضهم أيضاً من رجس الاحتلال، وهم يقاتلون عدوّنا وعدوّهم من اليهود، الذين احتلّوا فلسطين قبل لبنان، ولا يزالون فيها، والمعركة بيننا وبينهم مستمرّة حتّى تحقيق النصر الكامل إن شاء الله. بل لقد علّمنا الإسلام أن نفرح لكلّ إنسان يرفع عنه الظلم، مهما كان دينه.

8 - قد يكون بين إخواننا الشيعة في لبنان – والمقاومة الإسلامية – علاقات خاصّة مع سوريا وإيران. فإذا كان فيها علاقات مشبوهة، فليتفضّل الأخ السائل بفضحها. أمّا نحن في لبنان فنشهد أنّ هذه العلاقات هي التي مكّنت المقاومة الإسلامية من تحرير أرض الجنوب. والعالم كلّه يشهد بذلك. وإذا كان لبعض الناس رأي في سوريا وفي إيران فهذا شأنهم لأنّ (نصف الناس أعداء لمن ولي الأحكام، هذا إن عدل). ولكنّا نقول: إذا لم تتوحّد الأمّة كلّها حول قضاياها المصيرية – وأهمّها قضية الصراع مع العدو الصهيوني – فمتى تتوحّد؟ وإذا كان الإسلام في الماضي سبب وحدة هذه الأمّة، فسيظلّ في الحاضر وفي المستقبل من أهمّ عناصر هذه الوحدة، خاصّة عندما يكون صراع الأمّة مع أعدائها في الخارج صراع وجود كما هو شأننا مع اليهود. والله أعلم

هذا جواب المفتي فما جوابكم ياأهل التفسير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير