وكذلك قوله: ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد.
ثم قال في آخر الكتاب: باب ما جاء في حماية المصطفى حمى التوحيد وسده طرق الشرك.
16 ـ من فقه الإمام أنه يأتي في بعض الأدلة من باب الإشارة، فمثلا:
قوله باب " حتى إذا فزع عن قلوبهم ".
للإشارة إلى أن الملائكة إن كانت تفزع وتخاف فكيف ترجى ويتعلق بها.
ومثله أيضا قوله: باب قوله " إنك لا تهدي من أحببت ".
للإشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يملك لعمه هداية مع حرصه عليها فكيف يملك لمن يدعوه من دون الله وهم ميت، ولا يشعر به.
17 ـ من فقهه رحمه الله أنه ذكر عددا من الأبواب تتعلق بالنية، وعددا آخر يتعلق بالأفعال، وقسم ثالث يتعلق بالأقوال وحمايتها من الشرك، ليشمل بذلك أبواب الإيمان " قول وعمل ونية ".
18 ـ من فقه الإمام أنه ذكر أبوابا في أعمال الجوارح، وأبوابا أخرى في أعمال القلوب، وبيانها سبق في تقسيم الكتاب.
19 ـ من الفقه تخصيصه الجزء الأكبر من كتابه لتوحيد الألوهية، لكثرة من زل فيه، ولأنه واقع الشيخ رحمه الله.
20 ـ من فقهه أن طول الباب وقصره يعتمد على أهمية الباب، وكثرة من تلبس بخطأ فيه، ولهذا يطيل في بعض الأبواب بذكر الأدلة، وينوعها، ويختصر في البعض الآخر.
21ـ من فقهه أنه ينزل الآيات على واقعه، الذي يعيشه.
22 ـ أهتم كثيرا بباب الغلو، ولذلك نوع تبويباته فقال:
أ ـ باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.
ب ـ باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده.
ج ـ باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله.
وهذا يعطينا الدلالة الواضحة على خطورة هذا المسلك، وأنه سبب الشرك، وفي ذلك يربي الإمام الأمة على ترك الغلو حتى في ذاته هو رحمه الله، وذلك تمام التجرد للكتاب والسنة.
23 ـ من الفقه في كتابه أنه يضم الأبواب المتقاربة مع بعضها البعض، ومن هنا ذكر باب السحر، ثم أنواعه، ثم الكهان، ثم التطير، ثم التنجيم، ثم الاستسقاء بالنجوم.
وبذلك يظهر ترابط الكتاب وأبوابه، فيكون كالبناء الواحد المتكامل، وهذا من بديع التصنيف.
24 ـ من فقهه أنه لا يقدم السنة على القرآن، فإذا كان في الباب آية قدمها، وهذا من الفقه في منزلة الدليل.
25 ـ من فقهه أنه افتتح كتاب التوحيد بباب قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ".
ليبين أن التوحيد هو العبادة، وأنه الغاية من الخلق، وهذا مناسب جدا للبداية به.
26 ـ من فقهه أنه ختم كتاب التوحيد بباب قوله تعالى " وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ".
ليبين أن خلاصة التوحيد تكمن في تعظيم الله، متى ما قلت في قلب الإنسان دخل عليه الخلل بقدر ما نقص من تعظيمه.
27 ـ مسائله التي يذكرها في نهاية الباب فيها دقة في الاستنباط والاستخراج، ومن هنا كانت عميقة في الدلالة، بل إن بعضها اختلف الشراح حول موضع الدلالة من النصوص التي ذكرها.
28ـ من فقهه أنه ذكر في مسائله بعض الفرق كالأشعرية، والرافضة، والجهمية، وقال عن الرافضة: " بل أخرجهم بعض أهل العلم من الثنتين والسبعين فرقة ".
29ـ كثيرا في مسائله ما يبين خطورة التشبه بأهل الكتاب، وهذا إيمانا من الإمام رحمه الله بأن هذه الأمة ستتبع طريق بني إسرائيل في الإحداث في الدين، ومن تأمل واقع الأمة سيجد أن أي بدعة أحدثتها هذه الأمة فلها أصل عند أهل الكتاب، فبدعة تحكيم غير شرع الله، واتخاذ المشرعين والمقننين هي طريقة أهل الكتاب كما جاء في صحيح مسلم في تحريفهم آية الرجم، وبدعة الغلو مأخوذة من غلو النصارى بعيسى عليه السلام، وبدعة التصوف لها تعلق برهبانية النصارى، وهكذا.
30 ـ من فقهه أن دائما يحتج بالإجماع، فمثلا:
قال في باب من تبرك بشجر أو حجر: " العشرون أنه متقرَّرٌ عندهم أن العبادات مبناها على الأمر".
وقال في باب ما جاء في حماية المصطفى جناب بالتوحيد: " السابعة أنه متقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة ".
31 ـ من فقهه أنه يخرج الحديث، ويذكر أحيانا درجته، والغالب عليه الصحة، ونادرا ما يتكلم على السند بكلام مختصر كقوله " بسند جيد " فإن لم يصح الحديث فالمعنى المراد منه صحيح بلا ريب لأنه يقرر مسألة من مسائل الاعتقاد.
32ـ أبواب كتاب التوحيد تأكيد لمنهج أهل السنة بأن الأعمال من الإيمان.
فهذه اثنتان وثلاثون وقفة نستفيد منها أن للإمام المجدد فقها في تأليفه لكتابه العظيم " كتاب التوحيد " والذي سمعت أحد مشايخي يقول عنه " بأنه فتح من الله على الشيخ " جمعتها حتى نتنبه لغيرها في شروحاتنا لكتاب التوحيد، وقراءتنا له
ـ[~ سمو مسلمه ~]ــــــــ[16 Sep 2008, 10:09 ص]ـ
شكر الله لكم وبارك في علمكم ..