(1/ 114 حديث 209) قال: ((قلت: أخرجته لقوله: ((ليضلّ به الناس)). لكنه لم يتنبّه إلى شيء من علل الحديث في المجمع (1/ 144) فقال: ((رجاله رجال الصحيح))، ومعلوم أنّ إطلاق الهيثمي هذا لا يستفاد منه صحة المتن، فكلامه هذا لا يجامع الصحة، فإنّ شروط الصحة عدالة الرواة وضبطهم والسلامة من الانقطاع والعلة وكثيراً ما يغترُّ بعضُ مَنْ ينتحلُ العلمَ بمثل قول الهيثمي هذا فيقع في الخطأ.
هل العلة تطلق فقط على الامر الخفي؟
إنّ إطلاق العلة على الأمر الخفي القادح: قيد أغلبي، لأنا وجدنا كثيراً من الأقوال عن العلماء الجهابذة الفهماء إطلاق لفظ العلة على غير الخفي، وقد وجدنا في " علل الحديث " لابن أبي حاتم مائتين وسبعة وأربعين حديثاً أعلّت بالجرح الظاهر. (انظر أرقامها في أثر علل الحديث: 15 - 16)، وانظر إلى قول الحافظ ابن حجر حين قال: ((العلّة أعمّ من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة)) (النكت 2/ 771) وقال: ((إنّ الضعف في الراوي علّة في الخبر والانقطاع في الإسناد علة الخبر، وعنعنة المدلس علة في الخبر وجهالة حال الراوي علة في الخبر)) (النكت 1/ 407) وفي حوار لنا مع شيخنا العلاّمة الدكتور هاشم جميل تنبهنا إلى أمر آخر، وهو أنّ المحدّثين إذا تكلّموا على العلة باعتبار أن خلو الحديث منها يعدّ قيّداً لابدّ منه لتعريف الحديث الصحيح. فإنّهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاصّ، وهو: السبب الخفي القادح. وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فإنّهم في الحالة يطلقون العلة ويريدون بها: السبب الذي يعلّ الحديث به: سواء أكان خفياً أم ظاهراً قادحاً أم غير قادح. وهذا توجد له نظائر عند المحدّثين، منها: المنقطع: فهو بالمعنى الخاص: ما حصل في إسناده انقطاع في موضع أو في أكثر من موضع لا على التوالي.
وهذا المصطلح نفسه يستعمله المحدّثون أيضاً استعمالاً عاماً فيريدون: كلّ ما حصل فيه انقطاع في أيّ موضع في السند كان، فيشمل المعلق، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أول السند، والمرسل، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في آخر السند والمعضل، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أثناء السند باثنين فأكثر على التوالي. ويشمل أيضاً المنقطع بالمعنى الخاص الذي ذكرناه.
وهكذا نرى أنّ مصطلح المنقطع يستعمله المحدّثون استعمالاً خاصاً في المنقطع الاصطلاحي، ويستعملونه استعمالاً عاماً في كلّ ما حصل فيه انقطاع فيشمل المنقطع الاصطلاحي، والمعلق، والمرسل، والمعضل، وعلى هذا المنوال جرى استعمالهم لمصطلح العلّة، فهم يستعملونه بالمعنى الاصطلاحي الخاص، وهو: السبب الخفي القادح، ويستعملونه استعمالاً عاماً، ويريدون به: كل ما يعلّ الحديث به فيشمل العلة بالمعنى الاصطلاحي، والعلة الظاهرة، والعلة غير القادحة)). وانظر: أثر علل الحديث: 17 - 18.
هل العلة تكون فقط بالمتن؟
العلّة تكون أحياناً في الإسناد، وتكون أحياناً في المتن، فإذا وقعت العلة في الإسناد: فأما أنْ تقدح في السند فقط أو فيه وفي المتن أو لا تقدح مطلقاً. وهكذا إذا وقعت العلة في المتن، فعلى هذا يكون للعلة خمسة أقسام نشير إليها فيما يأتي:
1 – تقع العلة في الإسناد ولا تقدح مطلقاً.
مثاله: ما رواه المدلّس بالعنعنة، فهذا يوجب التوقف عن قبوله، فإذا وجد من طريق آخر قد صرّح فيها بالسماع تبين أنّ العلة غير قادحة. النكت 2/ 747، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 40، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
2 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه دون المتن
مثاله: ما رواه يَعْلَى بن عُبيد الطَّنَافسي، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ?: ((البيِّعان بالخيار)). (انظر تفصيل الروايات في جامع الأصول 1/ 574 حديث 407، والتلخيص الحبير 3/ 23، ومسند أبي يعلى 10/ 192 – 193، وإتحاف المهرة 8/ 528 حديث 9890، والمسند الجامع 10/ 439 حديث 7730). فغلط يعلى في قوله: عمرو بن دينار، إنّما هو عبد الله بن دينار كما رواه الأئمة المتقنون من أصحاب سفيان الثوري مثل: الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد، وغيرهم. علوم الحديث لابن الصلاح: 82 – 83، وتدريب الراوي 1/ 254،
¥