أما المسألة الأولى: فهي أن عمر رضي الله عنه أمر في هذا الأثر أبي بن كعب بأن يؤم الناس في صلاة التراويح جماعة، فنعم. . وقد جاءت آثار أخرى تدل على أنه رضي الله عنه أمر غيره بمثل ما أمر أبيا رضي الله عنه.
(الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 280)
2 - فقد ذكر صاحب كنز العمال: أن ابن سعد روى بسنده إلى ابن أبي مليكة، قال: بلغني أن عمر بن الخطاب أمر عبد الله بن السائب المخزومي حين جمع الناس في رمضان، أن يقوم بأهل مكة كنز العمال 8\ 409، رقم 23470، قال الهندي: رواه ابن سعد. وراجعته في مظانه ولم أعثر عليه. . وسيأتي عن عمر رضي الله عنه، أنه صلى خلفه حين قدم مكة معتمرا.
3 - وروى البيهقي وغيره بسندهم إلى عروة بن الزبير: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس على قيام شهر رمضان، الرجال على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة.
4 - وروى الإمام مالك في الموطأ بسنده عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب: أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. فهؤلاء أربعة أمرهم عمر رضي الله عنه أن يقوموا للناس بصلاة التراويح جماعة. أبي بن كعب وتميم الداري وعبد الله بن السائب المخزومي وسليمان بن أبي حثمة الذي أمره أن يصلي بالنساء.
(الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 281)
وفي بعض الروايات: أن عمر رضي الله عنه أمر تميما الداري أن يصلي بالنساء. فقد ذكر ابن حجر في فتح الباري: أن سعيد بن منصور روى من طريق عروة: أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء فتح الباري 4\ 203. .
ثم قال ابن حجر رحمه الله: وقد رواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له من هذا الوجه، فقال: سليمان بن أبي حثمة بدل تميم الداري فتح الباري 4\ 203. . ثم جمع بينهما: بإمكان أن يكون عمر رضي الله عنه، أمر تميما الداري بذلك في وقت، وأمر سليمان بن أبي حثمة في وقت آخر فهو يقول: ولعل ذلك في وقتين فتح الباري 4\ 203. .
وجمعه رحمه الله متجه وحسن حتى لا يكون هناك تضاد بين الروايات، إذن عمر رضي الله عنه كما أمر أبيا بأن يؤم الناس في صلاة التراويح أمر غيره بمثل ذلك - والله أعلم - كما دلت له الآثار السابقة.
المسألة الثانية: فهي أن هذه الرواية التي ذكرها البخاري وأشار إليها البهوتي - رحمه الله -، لم يذكر فيها عدد ركعات صلاة التراويح عند عمر رضي الله عنه، ومثلها.
5 - ما رواه ابن أبي شيبة بسنده إلى عروة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أبيا: أن يصلي بالناس في شهر رمضان مصنف ابن أبي شيبة 2\ 396، مطبعة الدار السلفية، حدثنا وكيع أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه. . فهي رواية مجملة كرواية عبد الرحمن بن عبد القارئ التي رواها (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 282) البخاري، ولكن جاءت آثار مروية عن عمر رضي الله عنه تبين هذا الإجمال.
6 - فقد روى الإمام مالك في الموطأ بسنده عن السائب بن يزيد، قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. فالأثر هذا دل على أن عمر رضي الله عنه هو بنفسه الذي أمر أبيا وتميما الداري بأن يصليا للناس إحدى عشرة ركعة، لكن ابن أبي شيبة ساقه بلفظ آخر، وأن أبيا وتميما هما اللذان كان يصليانها كذلك، ولم يذكر في الأثر أن عمر أمرهما بذلك.
7 - فقد روى ابن أبي شيبة بسنده إلى السائب: أن عمر جمع الناس على أبي وتميم، فكانا يصليان إحدى عشرة ركعة، يقرآن بالمئين - يعني في رمضان. وليس بين الروايتين فيما يظهر لي خلاف لأنه وإن لم يصرح ابن أبي شيبة في روايته بأن عمر أمرهما أن يصلياها إحدى عشرة ركعة إلا أنه لا بد أن يكون قد أقرهما على ذلك فيكون ذلك (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 283) هو ما أراده عمر رضي الله عنه: لأنه من المستبعد ألا يكون عنده علم بذلك، وما دام أنه لم ينكر عليهما فقد أقرهما أن تصلى التراويح إحدى عشرة ركعة. وقد جاءت روايات أخرى تدل على أن عمر رضي الله عنه
¥