تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

14 - فقد روى البيهقي بسنده عن السائب بن يزيد أنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة، وكانوا يقرءون بالمئين، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام. هذه الروايات ظاهرها الاختلاف، وفي نظري أنه لا تعارض حقيقي بينها لأن الجمع بينها ممكن. فاختلاف الروايات عن السائب بن يزيد الذي جاء النقل عنه بأنه مرة قال: أمر عمر بن الخطاب أبيا وتميما الداري بأن يصليا للناس إحدى عشرة ركعة في رمضان، وجاء عنه في رواية أخرى أنه قال: كنا نصلي على عهد عمر بن الخطاب ثلاث عشرة ركعة، وقال في رواية ثالثة عنه: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر، فإن هذا الاختلاف يجاب عنه من ناحيتين: الأولى: بأنه لا يستبعد أن يكون السائب بن يزيد قد علم أن عمر رضي الله عنه أمر أبيا وتميما بأن يصليا للناس بإحدى عشرة ركعة في بادئ الأمر، ثم إن الناس صلوا في زمن عمر بن الخطاب ثلاث عشرة (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 286) أمر أبيا أ ركعة، فلم يعبهم عمر رضي الله عنه، وأقرهم على ذلك، فروى ذلك السائب بن يزيد، ثم إن الناس بعد ذلك صلوا التراويح عشرين ركعة والوتر، فلم يعبهم عمر بن الخطاب وأقرهم على ذلك، لدليل علمه أو اجتهاد منه، فروى ذلك السائب بن يزيد، وكان معنى ذلك أن صلاة التراويح إذا صليت على صفة من تلك الصفات الثلاث، كان ذلك جائزا ولا لوم على أحد فعل ذلك. وقد جمع البيهقي بين الروايات بمثل هذا الجمع، فهو يقول: كانوا يقومون بإحدى عشرة ركعة، ثم كانوا يقومون بعشرين، ويوترون بثلاث والله أعلم سنن البيهقي 2\ 496. .

وما زال المسلمون إلى يومنا هذا منهم من يصلي التراويح مع الوتر إحدى عشرة ركعة، ومنهم من يصليها ثلاث عشرة ركعة ومنهم من يصليها ثلاثا وعشرين ركعة لأن كل ذلك سنة.

الثانية: طريق الترجيح، وذلك أن الرواية المأثورة عن عمر من طريق السائب بن يزيد التي ذكر فيها أن صلاة التراويح كانت تصلى في زمن عمر رضي الله عنه ثلاثا وعشرين ركعة، أيدتها روايات أخرى مروية عن السائب بن رومان ويحيى بن سعيد وحسن هو عبد العزيز، والسائب بن برقان والحسن البصري على ما ذكره ابن قدامة، ولا شك أن كثرة الطرق من أسباب الترجيح كما هو معروف في مصطلح الحديث فيكون رواية من روى أن صلاة التراويح كانت في عهد عمر تصلى عشرين ركعة والوتر هي الراجحة، ولعل ذلك كان آخر الأمر يقول ابن حبيب من المالكية: رجع عمر إلى ثلاث وعشرين ركعة.

أما ما ذكر ابن إسحاق من كون رواية السائب بن يزيد التي روى (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 287) فيها عن عمر بأن صلاة التراويح كانت تصلى في عهده ثلاث عشرة ركعة، وأنها أثبت عنده من غيرها من الروايات، لموافقة حديث عائشة رضي الله عنها السابق. وكذلك قول اللخمي من المالكية: الذي آخذ به ما جمع عليه عمر: إحدى عشرة ركعة انظر التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق المتوفى عام 897 هـ. .

فالجواب عما ذكره ابن إسحاق رحمه الله من وجهين: أولا: أنه لم ينف صحة صلاة التراويح عشرين ركعة في زمن عمر رضي الله عنه وإنما رجح رواية السائب بن يزيد لأن التراويح كانت تصلى في زمن عمر ثلاث عشرة ركعة لموافقة حديث عائشة رضي الله عنها السابق. وذكر ابن حجر ما يؤيد هذا الرأي وأنه هو الأولى لحديث عائشة هذا، ثم قال: مع كون عائشة أعلم بحال النبي (صلى الله عليه وسلم) من غيرها فتح الباري 4\ 254. .

وقد أجاب بعض أهل العلم عن هذا. فإن الشيخ محمد زهري النجار: ذكر حديث ابن عباس الذي ذكره ابن حجر في فتح الباري وغيره وهو: أن النبي (صلى الله عليه وسلم): صلى التراويح عشرين ركعة مع الوتر. ثم قال: قال: العلامة القارئ مجيبا عنه: ولا يبعد أن ابن عباس حصل له من العلم من غير طريق عائشة من سائر المؤمنين. قال: وعلى كل تقدير فالعمل بالحديث الضعيف جائز عند الكل (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 288) "يعني فضائل الأعمال "قال ويكفينا ما رواه البيهقي في المعرفة بإسناد صحيح عن السائب بن البرقان "كنا نقوم زمن عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر "، فهذا كالإجماع من غير منكر في هذا الإجماع وقد ورد: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير