تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أو لا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال علماؤنا: قول ?بن عباس «هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» كلمة تصريح برفع ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وبأمره. فهو حجة على أن البلاد إذا تباعدت كتباعد الشام من الحجاز فالواجب على أهل كل بلد أن تعمل على رؤيته بدون رؤية غيره، وإن ثبت ذلك عند الإمام الأعظم، ما لم يحمل الناسَ على ذلك، فإن حَمل فلا تجوز مخالفته.

وقال الكِيا الطبري: قوله «هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» يحتمل أن يكون تأوّل فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " وقال ?بن العربي: «و?ختلف في تأويل (قول) ?بن عباس (هذا)؛ فقيل: ردّه لأنه خبر واحد، وقيل: ردّه لأن الأقطار مختلفة في المطالع؛ وهو الصحيح، لأن كُرَيْباً لم يشهد وإنما أخبر عن حكم ثبت بالشهادة، ولا خلاف في الحكم الثابت أنه يجزى فيه خبر الواحد. ونظيره ما لو ثبت أنه أهلّ ليلة الجمعة بأَغْمات وأهّل بأشبِيلية ليلة السبت فيكون لأهل كل بلد رؤيتهم؛ لأن سُهَيلا يُكشف من أَغْمات ولا يُكشف من أشبيلية؛ وهذا يدل على ?ختلاف المطالع».

قلت: وأما مذهب مالك رحمه الله في هذه المسألة فروى ?بن وهب و?بن القاسم عنه في المجموعة أن أهل البصرة إذا رأوا هلال رمضان ثم بلغ ذلك إلى أهل الكوفة والمدينة واليمن أنه يلزمهم الصيام أو القضاء إن فات الأداء. وروى القاضي أبو إسح?ق عن ?بن الماجشون أنه إن كان ثبت بالبصرة بأمر شائع ذائع يستغنى عن الشهادة والتعديل له فإنه يلزم غيرهم من أهل البلاد القضاء، وإن كان إنما ثبت عند حاكمهم بشهادة شاهدين لم يلزم ذلك من البلاد إلا من كان يلزمه حكم ذلك الحاكم ممن هو في ولايته، أو يكون ثبت ذلك عند أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعة المسلمين. قال: وهذا قول مالك.)).

انتهى

===============================

ملحوظة:

وقعت زيادة في كتابة العنوان؛ بنسخ كلمة (بسم الله) مع العنوان، و قد حاولت الاستدراك فلم أتمكن منه؛ فأود مراعاته و حذفها من جانب الأخ المشرف.

ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[11 Oct 2006, 04:02 م]ـ

و لكي ينضبط الكلام فيما نقل من إجماع عن الإمام ابن عبد البر - حافظ المغرب الكبير، ت 463 ه - ينبغي علينا نقل أصل كلامه ذاك من كتابه " الاستذكار "، قال رحمه الله:

[واختلف العلماء في حكم هلال رمضان أو شوال يراه أهل بلد دون غيرهم:

فكان مالك - فيما رواه عنه بن القاسم والمصريون -: إذا ثبت عند الناس أن أهل بلد رأوه فعليهم القضاء لذلك اليوم الذي أفطروه وصيامه غيرهم برؤية صحيحة.

وهو قول الليث والشافعي والكوفيين وأحمد

وروى المدنيون عن مالك - وهو قول المغيرة وبن دينار وبن الماجشون -: أن الرؤية لا تلزم غير أهل البلد الذي وقعت فيه إلا أن يكون الإمام يحمل الناس على ذلك.

أما الاختلاف الأعمال والسلاطين فلا إلا في البلد الذي رأى فيه الهلال، وفي عمله هذا بمعنى قولهم

وروي عن بن عباس أنه قال لكل قوم رؤيتهم.

وبه قال عكرمة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وإليه ذهب بن المبارك وإسحاق بن راهويه وطائفة.

قال أبو عمر: حجة من قال بهذا القول ما أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو بكر محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثني محمد بن أبي حرملة قال أخبرني كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها فاستهل رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني بن عباس ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال قلت رأيته ليلة الجمعة قال أنت رأيته قلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية قال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى نكمل الثلاثين أو نراه فقلت أفلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه قال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب النسوي قال أخبرنا علي بن حجر قال أخبرنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا محمد بن أبي حرملة قال أخبرني كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها فاستهل علي هلال رمضان وذكر رمضان الحديث سواء كما تقدم لأبي بكر

قال أبو عمر: قد أجمعوا أنه لا تراعى الرؤية فيما أخر من البلدان كالأندلس من خراسان وكذلك كل بلد له رؤيته إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلاد المسلمين والله أعلم].

انتهى

* * *

و في كتابه " مجموع الفتاوى " لم ينكر ابن تيمية هذا الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر:

(وقال رحمه الله:

(فصل مسألة رؤية بعض البلاد رؤية لجميعها): فيها اضطراب، فانه قد حكى ابن عبد البر الاجماع على ان الاختلاف فيما يمكن اتفاق المطالع فيه فاما ما كان مثل الاندلس وخراسان فلا خلاف انه لا يعتبر. قلت أحمد اعتمد فى الباب على حديث الاعرابى الذي شهد انه اهل الهلال البارحة فامر النبى الناس على هذه الرؤية مع انها كانت فى غير البلد وما يمكن ان تكون فوق مسافة القصر ولم يستفصله، وهذا الاستدلال لا ينافى ما ذكره ابن عبد البر، لكن ما حد ذلك. وأما الهلال فطلوعه ورؤيته بالمغرب سابق لانه يطلع من المغرب وليس فى السماء ما يطلع من المغرب غيره ... ].

انتهى

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير