ومن أُكره على التكلم بكلمة الكفر أو على فعل الكفر فإنه يكون معذوراً إذا كان الإكراه ملجئاً كأن يُكرهه إنسان قادر على إيقاع القتل به فيهدده بالقتل وهو قادر أو يضع السيف على رقبته فإنه يكون معذوراً في هذه الحالة إذا فعل الكفر أو تكلم بكلمة الكفر بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، أما إذا اطمئن قلبه بالكفر فإنه يكفر حتى مع الإكراه نسأل الله السلامة والعافية.
فالذي يفعل الكفر له خمس حالات:
1 - إذا فعل الكفر جاداً فهذا يكفر.
2 - إذا فعل الكفر هازلاً فهذا يكفر.
3 - إذا فعل الكفر خائفاً فهذا يكفر.
4 - إذا فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالكفر فهذا يكفر.
5 - إذا فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالإيمان فهذا لا يكفر لقول الله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ@ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
السؤال الثاني:
هناك من يقول: (الإيمان قول وعمل واعتقاد لكن العمل شرط كمال فيه)، ويقول أيضاً: (لا كفر إلا باعتقاد)، فهل هذا القول من أقوال أهل السنة أم لا؟
الجواب:
ليست هذه الأقوال من أقوال أهل السنة، أهل السنة يقولون: الإيمان هو قول باللسان وقول بالقلب وعمل بالجوارح وعمل بالقلب، ومن أقوالهم: الإيمان قول وعمل؛ ومن أقوالهم: الإيمان قول وعمل ونية، فالإيمان لابد أن يكون بهذه الأمور الأربعة:
1 - قول اللسان وهو النطق باللسان.
2 - قول القلب وهو الإقرار والتصديق.
3 - عمل القلب وهو النية والإخلاص.
4 - عمل الجوارح.
فالعمل جزء من أجزاء الإيمان الأربعة، فلا يقال: العمل شرط كمال أو أنه لازم له فإن هذه أقوال المرجئة، ولا نعلم لأهل السنة قولاً بأن العمل شرط كمال.
وكذا قول من قال: (لا كفر إلا باعتقاد) فهذا قول المرجئة، ومن أقوالهم: (الأعمال والأقوال دليلٌ على ما في القلب من الاعتقاد) وهذا باطل، بل نفس القول الكفري كفر ونفس العمل الكفري كفر كما مر في قول الله تعالى (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) أي: بهذه المقالة
السؤال الثالث:
هل الأعمال ركن في الإيمان وجزء منه أم هي شرط كمال فيه؟
الجواب:
الإيمان قول باللسان وقول بالقلب وعمل بالقلب وعمل بالجوارح كما سبق.
ولا يقال: إنها شرط كمال أو إنها خارجة عن الإيمان أو إنها لازم من لوازم الإيمان أو من مقتضى الإيمان أو هي دليل على الإيمان إذ كل هذه من أقوال المرجئة.
السؤال الرابع:
ما أقسام المرجئة؟ مع ذكر أقوالهم في مسائل الإيمان؟
الجواب:
المرجئة طائفتان:
الطائفة الأولى: المرجئة المحضة أو الغلاة وهم الجهمية وزعيمهم الجهم بن صفوان فإن الجهم بن صفوان اشتهر بأربع عقائد بدعية هي:
1 - عقيدة نفي الصفات وأخذها عنه الجهمية.
2 - عقيدة الإرجاء وأخذها عنه المرجئة.
3 - عقيدة الجبر – أي أن العبد مجبور على أعماله – وأخذها عنه الجبرية.
4 - عقيدة القول بفناء الجنة والنار.
فهذه أربع عقائد خبيثة اشتهر بها الجهم.
والمرجئة المحضة عقيدتهم في الإيمان أنه مجرد المعرفة، أي مجرد معرفة الرب بالقلب، فمن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن، ولا يكون الكفر إلا إذا جهل ربه بقلبه، وبهذا ألزمهم العلماء بأن إبليس مؤمن؛ لأنه يعرف ربه قال الله تعالى عن إبليس (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ويكون فرعون أيضاً مؤمن لأنه يعرف ربه بقلبه، قال تعالى عنه وعن قومه
(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)
¥