تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

4 - مسألة الاستثناء في الإيمان وهو قول القائل: (أنا مؤمن إن شاء الله) فمرجئة الفقهاء يمنعون الاستثناء في الإيمان؛ لأن الإيمان شيء واحد هو التصديق، فيقولون: أنت تعلم أنك مصدِّق بالقلب فكيف تقول: أنا مؤمن إن شاء الله. إذاًََ أنت تشك في إيمانك، ولهذا يسمون المؤمنين الذين يستثنون في إيمانهم الشكَّاكة، فأنت تعلم في نفسك أنك مصدِّق كما تعلم أنك قرأت الفاتحة وكما تعلم أنك تحب الله ورسوله ? وتبغض اليهود فكيف تقول: إن شاء الله، بل قل: أنا مؤمن؛ اجزم ولا تشك في إيمانك. وأما جمهور أهل السنة فإنهم يفصِّلون فيقولون: إن قال القائل: (أنا مؤمن إن شاء الله) يقصد الشك في أصل إيمانه فهذا ممنوع؛ فأصل الإيمان التصديق، وأما إن نظر إلى الأعمال والواجبات التي أوجبها الله والمحرمات التي حرمها الله ورأى أن شعب الإيمان متعددة والواجبات كثيرة فالإنسان لا يزكِّي نفسه ولا يقول بأنه أدّى ما عليه؛ بل يتهم نفسه بالتقصير ويزري على نفسه فإذا قال: (أنا مؤمن إن شاء الله) فإن الاستثناء راجع إلى الأعمال، فهذا لا بأس به بل حسن أن يقول: إن شاء الله. وكذلك إذا أراد عدم علمه بالعاقبة وأن العاقبة لا يعلمها إلا الله فلا بأس بالاستثناء، وكذلك إذا أراد التبرك بذكر اسم الله فلا بأس.

فهذه من ثمرات الخلاف وإن كان لا يترتب عليه فساد في العقيدة ولكن هذه ثمرات

تدل على أن الخلاف ليس لفظياًََ.

السؤال السادس:

ما حكم من ترك جميع العمل الظاهر بالكلية وهو يقر بالشهادتين ويقر بالفرائض ولكنه لا يعمل شيئاً ألبته فهل هذا مسلم أم لا؟ علماً بأنه ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلك الفرائض؟

الجواب:

هذا لا يكون مؤمناً، فالذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يقر بلسانه ولا يعمل؛ لا يتحقق إيمانه؛ لأن هذا إيمان كإيمان إبليس وكإيمان فرعون؛ لأن إبليس أيضاً مصدِّق بقلبه، قال الله تعالى (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وفرعون وآل فرعون قال الله تعالى عنهم: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) فهذا الإيمان والتصديق الذي في القلب لابد له من عمل يتحقق به فلابد أن يتحقق بالنطق باللسان ولابد أن يتحقق بالعمل؛ فلابد من تصديق وانقياد، وإذا انقاد قلبه بالإيمان فلابد أن تعمل الجوارح، أما أن يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه وهو قادر فأين الإيمان؟!! فلو كان التصديق تصديقاً تاماً وعنده إخلاص لأتى بالعمل، فلابد من عمل يتحقق به هذا التصديق وهذا الإيمان؛ والنصوص جاءت بهذا.

كما أن الذي يعمل بجوارحه ويصلي ويصوم ويحج لابد لأعماله هذه من إيمان في الباطن وتصديق يصححها وإلا صارت كإسلام المنافقين؛ فإن المنافقين يعملون؛ يصلون مع النبي ? ويجاهدون ومع ذلك لم يكونوا مؤمنين؛ لأنه ليس عندهم إيمان وتصديق يصحح هذا العمل، فلابد من أمرين لصحة الإيمان:

- تصديق في الباطن يتحقق بالعمل.

- وعمل في الظاهر يصح بالتصديق.

أما تصديق في الباطن دون عمل فأين الدليل عليه؟ أين الذي يصححه؟ أين الانقياد؟.

لا يمكن أن يكون هناك تصديق صحيح لا يصلي صاحبه ولا ينطق بالشهادتين وهو يعلم ما أعد الله لمن نطق بالشهادتين ولمن تكلّم بكلمة التوحيد من الثواب، ولما أعدّ الله للمصلين من الثواب ولمن ترك الصلاة من العقاب، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لبعثه على العمل، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لأحرق الشبهات والشهوات؛ فترك الصلاة إنما يكون عن شبهة والمعاصي إنما تكون عن شهوة والإيمان الصادق يحرق هذه الشهوات والشبهات.

وهذا يدل على أن قلبه خالٍ من الإيمان الصحيح وإنما هو لفظ باللسان نطق به ولم يتجاوزه، وإلا لو كان عنده تصديق بقلبه أو إقرار بقلبه فقط ولم يتلفظ؛ فقول القلب لم يتجاوز إلى أعمال القلوب وإلى الانقياد فالمقصود أن الذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يعمل بجوارحه هذا هو مذهب الجهمية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير