تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأنت ترى من النصّين التاسع والعاشر تصريح فقهاء الحنفية بنهي المرأة أثناء الإحرام بالحج عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة، وقولهم بوجوب ستره رغم أنها في أقدس الأمكنة مستدلين على ذلك بحديث عائشة السابق ذكره. فإذا كان الأمر كذلك وهي محرمة في أقدس البقاع، فوجوب ستره في غيرها أَوْلى وأحرى بالاتِّباع.

ثانيا: مذهب المالكية:

1 ـ روى الإمام مالك (الموطأ ـ 2/ 234 بشرح الزرقاني، وانظر نحوه في: أوجز المسالك ـ 6/ 196)، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: «كنا نُخمّر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق».قال الشيخ الزرقاني «زاد في رواية: فلا تنكره علينا، لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها، أو يُنظر لها بقصد لذة. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله، والخفاف، وأن لها أَنْ تغطي رأسها، وتستر شعرها، إلا وجهها، فَتُسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال، ولا تُخَمِّر، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر، فذكر ما هنا، ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلًا، كما جاء عن عائشة قالت: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مُرَّ بنا سَدَلْنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزْنا رفعناه» اهـ.

2 ـ وقال الشيخ الحطَّاب (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ـ 1/ 499): «واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين. قاله القاضي عبد الوهاب، ونقله عنه الشيخ أحمد زرّوق في شرح الرسالة، وهو ظاهر التوضيح. هذا ما يجب عليها» اهـ.

3 ـ وقال الشيخ الزرقاني في شرحه لمختصر خليل: ((وعورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم غير الوجه والكفين من جميع جسدها، حتى دلاليها وقصَّتها.وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما، فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب، إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم، كنظر لأمرد، كما للفاكهاني والقلشاني. وفي المواق الكبير ما يفيده. وقال ابن الفاكهاني: مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه، فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم)). وهذا كله ـ كما ترى ـ في حكم نظر الرجل الأجنبي المسلم إليها. أما حكم كشف وجهها فلم يتعرض الشارح له في هذا الموضع، وستجده في الفقرة الرابعة المنقولة من حاشية الشيخ البناني عند كلامه على هذه العبارة نفسها، فانتظره فإنه بيت القصيد. ((ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع، وأقرب للاحتياط، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء، واتسع فيه الخرق على الراقع». اهـ باختصار يسير (شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 1/ 176).

4ـ وقد كتب العلامة البنَّاني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل على كلام الزرقاني السابق (1/ 176، ونحوه في حاشية الصاوي على الشرح الصغير 1/ 289).) ما يلي» قول الزرقاني: إلا لخوف فتنة، أو قصد لذة فيحرم، أي النظر إليها، وهل يجب عليها حينئذٍ ستر وجهها؟ وهو الذي لابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلًا: إنه مشهور المذهب، ونقل الحطاب أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب، أو لا يجب عليها ذلك، وإنما على الرجل غض بصره، وهو مقتضى نقل مَوَّاق عن عياض. وفصَّل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها، وغيرها فيُستحب» اهـ.

5 ـ وقال ابن العربي: «والمرأة كلها عورة، بدنها، وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة، أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يَعنُّ ويعرض عندها» أحكام القرآن (3/ 1579). قال محمد فؤاد البرازي: الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة، أما إذا كان هناك خضوع في القول، وترخيم في الصوت، فإنه محرم كما سبق تقريره.

6 ـ وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيره (12/ 229): «قال ابن خُويز منداد ــ وهو من كبار علماء المالكية ـ: إن المرأة اذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك؛ وإن كانت عجوزًا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها» اهـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير