تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عنه - مع مسطح بن أثاثة إذ كان الصديق ينفق على مسطح فلما كانت حادثة الإفك كان مسطح ممن خاضوا فيها فأقسم الصديق ألا ينفق على مسطح فأنزل الله قوله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22) فما كان من الصديق إلا أن أعاد النفقة على مسطح. وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه في أوج انتصاراته وهو قائد الجيش يأتيه خبر عزل الفاروق له فما تكلم بما يدل على سخطه ولاترك ساحات القتال بل ظل مجاهدا كجندي من جند المسلمين بعد أن كان قائدهم. ثم استمع إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول: "إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة". أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دُخل عليه وهو مريض فرأوا وجهه يتهلل (منور) فكلموه في ذلك فقال: "ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى كان قلبي سليمًا للمسلمين". **أماعُلبة بن زيد ... فإنه لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة ولم يجد ما ينفقه بكى وقال: "اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض، ثم أصبح مع الناس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أين المتصدق بعرضه البارحة؟ " فقام عُلبة رَضي الله عنه، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "أبشر فوالذي نفسُ محمد بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة". وانظر إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يُضرب ويُعذَّب على يد المعتصم، وحين أخذوه لمعالجته بعد وفاة المعتصم وأحسَّ بألمٍ في جسده قال: "اللهم اغفر للمعتصم". سبحان الله!! يستغفر لمن كان سببًا في ألمه. إنه منطق عظيم لا تعرفه إلا الصدور التي حملت قلوبًا كبيرة عنوانها: **سلامة الصدر. ... وهل أتاك نبأ الشيخ ابن باز - رحمه الله - مع ذلك الرجل من الخرج؟ فقد تولى الشيخ القضاء في مدينة الخرج وجاءه رجل في قضية فسب الرجل الإمام ابن باز رحمه الله، وشاع الخبر في المدينة وخرج الشيخ إلى الحج،وبينما كان الشيخ في الحج مرض الرجل ومات، فلما قُدِّم الرجل ليُصلَّى عليه، أبى الإمام الصلاة عليه بسبب سبه للشيخ ابن باز، وصلَّى غيره، فلما رجع الشيخ وأُخبر الخبر عاتب الإمام جدًّا على فعله، ولم يرض ما صنع، ثم إنه سأل عن قبر الرجل فأتاه وصلَّى عليه ودعا له. فأين نحن من هؤلاء؟!!. **الأسباب المعينة على سلامة الصدر: ... 1 - الدعاء فإنه من أعظم الأساب لتحقيق المقصود، وكان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم: (وأسألك قلبًا سليمًا)، فمن رزق الدعاء فإن الإجابة معه. كما أثنى الله على المؤمنين لدعائهم: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا). 2 - حُسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل: قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً. وقال الشافعي: من أراد أن يقضي له الله بخير فليحسن ظنه بالناس. ولما دخل عليه أحد إخوانه يعوده قال: قوّى الله ضعفك،فقال الشفعي رحمه الله: لو قوى ضعفي لقتلني، قال الزائر:والله ما أردت إلا الخير، فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير. 3 - التماس الأعذار وإقالة العثرات والتغاضي عن الزلات: - التمس لأخيك سبعين عذرًا. - يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا فإن لم تجد فقل:لعل له عذرًا لا أعرفه. - يا أخي من المعصوم من الخطأ والزلات؟ قال بعضهم: الفتوة التجاوز عن زلات الإخوان. - تذكَّر سوابق إحسانه فإنه مما يعين على التماس العذر وسلامة الصدر واعلم أن الرجل من عُدَّت سقطاته. - استحضر أن المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يلتمس العثرات. 4 - ادفع بالتي أحسن .. ليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) 5 - البعد عن الغيبة والنميمة وتجنب كثرة المزاح. 6 - معاملة النمام بما يستحقه فهو [فاسق - هماز مشاء بنميم - بريد الشيطان]. 7 - الهدية والمواساة بالمال فإنها من دواعي المحبة. 8 - الإيمان بالقدر، فإن العبد إذا آمن أن الأرزاق مقسومة مكتوبة رضي بما هو فيه ولم يجد في قلبه حسدا لأحد من الناس على خير أعطاه الله إياه. 9 - أخيرا تذكر حال النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يشكر ربه على النعم التي أنعم بها حتى على غيره من الخلق حين يصبح وحين يمسي. رزقنا الله وإياكم صدورا سليمة لا تحمل غلا ولا حسدا ولا حقدا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير