تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله: [بالحق والهدى، وبالنور والضياء] هذه أوصافُ ما جَاءَ به الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الدِّينِ والشرع المؤيَّدِ بالبراهين الباهرة من القُرْآن وسائر الأدلة. والضياءُ: أكمل من النور، قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً [يونس:5]] اهـ.

الشرح:

قال الإمام الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللَّهُ: [وهو المبعوث إِلَى عامة الجن، وكافة الورى] ينقده المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ من حيث اللغة، فنحن لا نقول: إِلَى كافِةِ الورى، والصحيح أن لم نقل الواجب أن نقول: إِلَى الورى كافةً، فكلمة كافَّة لا تستعمل إلا حالاً، ومعناها: الكل والجمع، فلا تأتِ إلا حالاً دائماً، فلا تُجر ولا تُرفع ولا تُنصب أو نحو ذلك، وأما قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاس [سبأ:28] فقد اختلف في إعرابها، فقيل إنها حال من الكاف في "أرسلناك" لأن الحال لابد أن يكون حالاً من الفاعل، أو من المفعول به، أو حال من متعلق في الفاعل أو المفعول به.

وذهب بعضهم إِلَى أن كلمة كافة تتعلق بالكاف أي: وما أرسلناك إلا كافة للناس، فأنت الكافة للناس، أي: الكاف لهم والتاء للمبالغة، كما يقال في (علامَّة)، و (فهَّامة) أي: رجل كثير العلم والفهم، وهذا قول ضعيف.

والثاني: أنها حال من النَّاس في قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاس [سبأ:28] واعترض عليه بأنها تقدمت، وأن الحال المجرور لا يتقدم عليه عند الجمهور، والصواب: أن ذلك جائز وهو الذي رجحه الإمام ابن مالك وهذه الآية دليل له، فيقول إن معنى قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاس [سبأ:28] أي: وما أرسلناك إلا للناس كافة، فهي حال من النَّاس المجرور والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أعلم.

القول الثالث: أنها صفة لمصدر محذوف وهذا قول مرجوح وضعيف؛ لأنها -كما قلنا سابقاً- ولا تكون إلا حالاً.

منقول.

وأيضا

قال الفيروزآباديُّ في «القاموسِ المُحيط» (مادَّة «كفف»):

(وجاء الناسُ كافَّةً: أَي جاؤوا كُلُّهُم، ولا يُقال: جاءَت الكَافَّةُ؛ لأَنَّه لا يَدْخُلُها «أَلْ»، ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ، ولا تُضافُ) انتهى.

قال الزَّبيديُّ في «تاجِ العَروسِ» (مادَّة «كفف»):

(ونصُّ الجوْهَرِيِّ: الكافَّةُ: الجَمِيعُ من النَّاسِ، يُقال: لَقِيتُهم كافَّةً: أَي كُلَّهُم، وأما قَوْلُ ابنِ رَواحَةَ:

فِسرْنا إِلَيْهمْ كافَةً في رحالِهم * جَمِيعًا عَلَيْنا البِيضُ لا نَتَخَشَّعُ

فإِنَّما خفَّفَه ضَرُورةً؛ لأَنَّه لا يَصحُّ الجمعُ بين السَّاكِنَيْنِ في حَشْو البَيْت.

وهذا كما تَرىَ لا وَهَمَ فيه؛ لأَنَّ النَّكِرَةَ إِذا أُريدَ لَفْظُها جازَ تَعريفُها؛ كما هو مَنْصُوصٌ عليه. وأَمَّا قولُه [أي: صاحب «القاموسِ»]: ولا يُقالُ: جاءَت الكَافَّةُ؛ فهو الذي أَطْبَقَ عليه جَماهِيرُ أَئِمَّةِ العربيَّةِ، وأَوْرَدَ بَحْثَه النَّوَوِيُّ في «التَّهْذِيب»، وعابَ على الفُقَهاءِ وغيرِهُم اسْتِعْمالَه مُعَرَّفًا بأَلْ أَو الإِضافَةِ، وأَشارَ إليه الهَرَويُّ في الغَرِيبَيْن، وبسَطَ القولَ في ذلك الحَرِيريُّ في «دُرَّةِ الغَوَّاصِ»، وبالغَ في النَّكِيرِ على مَنْ أَخْرَجَه عن الحالِيَّةِ ...

قال شيخنا: ويَدُلُّ على أَنَّ الجَوْهَريَّ لم يُرِدْ ما قَصَدَه المُصَنِّفُ: أَنَّه لَمَّا أَرادَ بيانَ حُكْمِها؛ مثَّلَ بما هُوَ موافِقٌ لكلامِ الجُمْهُورِ. علَى أَنَّ قولَ الجُمْهُورِ -كالمُصَنِّفِ-: لا يُقالُ: جاءَت الكافَّةُ: ردَّه الشِّهابُ في «شَرْح الدُّرَّةِ»، وصحَّحَ أَنَّه يُقال، وأَطالَ البحثَ فيهِ في «شرح الشِّفاءِ»، ونقَله عن عُمَرَ وعَلِيٍّ -رضِي الله عنهُما-، وأَقَرَّهُما الصَّحابَةُ، وناهِيكَ بهم فَصاحَةً، وهو مَسْبُوقٌ بذلكَ؛ فقد قالَ شارِحُ «اللُّبابِ»: إِنَّه اسْتُعْمِلَ مَجرورًا، واستَدَلَّ له بقولِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضِي الله عنه-: «على كافَّةِ بَيْتِ مالِ المُسْلِمِينَ»، وهو من البُلَغاءِ، ونَقَله الشُّمُنِّيُّ في حواشِي «المُغْنِي»، وقالَ الشيخُ إِبراهيمُ الكُورانِيُّ في شرحِ عَقِيدَةِ أُستاذِه: مَن قالَ مِنَ النُّحاةِ: إِنَّ كافَّةً لا تَخْرُجُ عن النَّصْبِ: فحُكْمُه ناشئٌ عن اسْتِقْراءٍ ناقِصٍ، قالَ شَيْخُنا: وأَقُولُ: إِنْ ثَبَتَ شيءٌ ممَّا ذَكَرُوه ثُبُوتًا لا مَطْعَنَ فيه: فالظَّاهِرُ أَنَّه قَلِيلٌ جِدًّا، والأَكثَرُ استعمالُه على ما قالَه ابنُ هشامٍ والحَرِيرِيُّ والمُصنِّفُ) انتهى.

منقول / للفائدة

ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[07 - 04 - 2010, 06:02 م]ـ

السلام عليكم

صاحب الحال في الآية هو الناس، وهذا هو المشهور والراجح.

والله تعالى أعلم

ـ[أبو عبد الفتاح]ــــــــ[08 - 04 - 2010, 12:01 ص]ـ

السلام عليكم

صاحب الحال في الآية هو الناس، وهذا هو المشهور والراجح.

والله تعالى أعلم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إذا قلت إن كلمة " الناس" هي صاحب الحال فعامل الحال " للناس "وهو عامل معنوي

فكيف جاز أن تتقدم الحال على عاملها المعنوي؟؟

وجزاك الله خيرا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير