[سلامة الصدر]
ـ[بسمة الكويت]ــــــــ[27 - 05 - 2009, 12:46 م]ـ
من أعظم نِعَمِ الله تعالى على العبد المسلم أن يجعل صدره سليماً من الشحناء والبغضاء، نقياً من الغلِّ والحسد، صافياً من الغدر والخيانة، معافىً من الضغينة والحقد، لا يطوي في قلبه إلا المحبَّة والإشفاق على المسلمين.
قد يجد المرء من بعض إخوانه أذىً أو يصيبه منهم مكروه، وربما يسرف بعض إخوانه في جرحه أو الحط من قدره، بل قد يصل الأمر والعياذ بالله إلى أن يفتري أحد إخوانه عليه الكذب ويتهمه بالسوء .. ومع ذلك كله تراه يدعو الله عز وجل بقلب صادق أن يتوب على إخوانه، ويتجاوز عنهم، ويهديهم سبيل الرشاد، ولا يجد في نفسه سبيلاً إلى الانتقام أو الانتصار للنفس. وبقدر إدبارهم عنه وأذاهم له، يكون إقباله عليهم وإحسانه إليهم، يهتدي دائماً بقول الله تعالى: (وَلاَ تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت: 34 - 35)
كما يهتدي بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن لي قرابة أصِلُهم ويقطعونني، وأُحسِنُ إليهم ويسيئون إليّ، وأحلُمُ عنهم، ويجهلون عليّ!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن كنت كما قُلتَ فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ [1]، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمتَ على ذلك» [2].
وما أجمل قول الشاعر:
إذا أدْمَتْ قوارِصُكم فُؤادي ...... صبرتُ على أذاكُم وانطويتُ
وجئت إليكمُ طَلْقَ المُحَيَّا ...... كأنِّي ما سمعتُ ولا رأيتُ
كم يعلو قدر الإنسان، وتشرُف منزلته حينما يصل إلى هذه المنقبة العظيمة والخَلَّة الكريمة التي لا يقوى عليها إلا ذوو الصدق والإخلاص .. ولا يستطيع أن يصل إلى أعتابها إلا من جاهد نفسه حق المجاهدة، وفطمها عن شهواتها .. ؟!
أرأيت إلى ذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً إلى أنه من أهل الجنة، فلما ذهب إليه عبد الله بن عمرو بن العاص وبات عنده ثلاث ليال فلم يره فعل كبير عمل، فعجب عبد الله من حاله وسأله: ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الرجل: «ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه». فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق! [3].
إن هذه الصفة الجليلة من الصفات التي رفعت أقدار الصحابة رضي الله عنهم فها هو ذا سفيان بن دينار يقول: قلت لأبي بشير وكان من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: (كانوا يعملون يسيراً ويؤجَرون كثيرا ً»). فقال سفيان: ولِمَ ذلك؟ قال: (لسلامة صدورهم) [4].
ولهذا بيَّن ابن القيم أن سلامة القلب: «مشهد شريف جداً لمن عرفه وذاق حلاوته، وهو أن لا يشغل قلبه وسره بما ناله من الأذى وطلب الوصول إلى درك ثأره، وشفاء نفسه؛ بل يفرغ قلبه من ذلك، ويرى أن سلامته وبرده وخلوه منه أنفع له، وألذ وأطيب، وأعون على مصالحه؛ فإن القلب إذا اشتغل بشيء فاته ما هو أهم عنده، وخير له منه، فيكون بذلك مغبوناً، والرشيد لا يرضى بذلك، ويرى أنه من تصرفات السفيه؛ فأين سلامة القلب من امتلائه بالغل والوساوس، وإعمال الفكر في إدراك الانتقام؟» [5].
منقوووووووول
ـ[أبو سلمان]ــــــــ[27 - 05 - 2009, 03:51 م]ـ
أحسنتِ بارك الله بك
ـ[زهرة النرجس]ــــــــ[27 - 05 - 2009, 06:54 م]ـ
جزاك الله خيرا اختي:)
ذكرتني بقول الشاعر:
وذي رحم قلمت أظفار ضغنه ... بحلمي عنه وهو ليس له حلم
يحاول رغمي لا يحاول غيره ... وكالموت عندي أن يحل به الرغم
فإن أعف عنه أُغض عينا على قذى ... وليس له بالصفح عن ذنبه علم
وإن أنتصر منه أكن مثل رائش ... سهام عدو يستهاض بها العظم
ويشتم عرضي في المغيب جاهدا ... وليس له عندي هوان ولا شتم
ويسعى إذا أبني لهدم صالحي ... وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم
فما زلت في ليني له وتعطفي ... عليه كما تحنو على الولد الأم
وصبري على أشياء منه تغيظني ... وكظمي على غيظي وقد ينفع الكظم
وأبرأت غل الصدر منه توسعا ... بحلمى كما يشفى بالأدوية الكلم
فأطفأت نار الحرب بينى وبينه ... فأصبح بعد الحرب وهو لنا سلم
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[28 - 05 - 2009, 03:33 ص]ـ
جزاك الله خيراً وأثابك على هذا النقل المميز ..
فالرفق ماكان في شيء إلا زانه و مانزع من شيئ إلا شانه ..
ـ[بسمة الكويت]ــــــــ[29 - 05 - 2009, 09:55 ص]ـ
أحسنتِ بارك الله بك
شكرا أخي
وجزاك الله خيرا
ـ[بسمة الكويت]ــــــــ[29 - 05 - 2009, 10:07 ص]ـ
جزاك الله خيرا اختي:)
ذكرتني بقول الشاعر:
وذي رحم قلمت أظفار ضغنه ... بحلمي عنه وهو ليس له حلم
يحاول رغمي لا يحاول غيره ... وكالموت عندي أن يحل به الرغم
فإن أعف عنه أُغض عينا على قذى ... وليس له بالصفح عن ذنبه علم
وإن أنتصر منه أكن مثل رائش ... سهام عدو يستهاض بها العظم
ويشتم عرضي في المغيب جاهدا ... وليس له عندي هوان ولا شتم
ويسعى إذا أبني لهدم صالحي ... وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم
فما زلت في ليني له وتعطفي ... عليه كما تحنو على الولد الأم
وصبري على أشياء منه تغيظني ... وكظمي على غيظي وقد ينفع الكظم
وأبرأت غل الصدر منه توسعا ... بحلمى كما يشفى بالأدوية الكلم
فأطفأت نار الحرب بينى وبينه ... فأصبح بعد الحرب وهو لنا سلم
جزاك الله خيرا أختي زهرة النرجس
وإن الذي بيني وبين بني أبي **** وبين بني عمي لمختلف جدا
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم **** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم **** وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
¥