[تسلية أهل المصائب [3]]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[28 - 06 - 2009, 01:40 م]ـ
تسلية أهل المصائب وتفريج همومهم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد:
في صحيح مسلم " من حديث أبي سعيد و أبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب و لا نصب و لا سقم و لا حزن، حتى الهم يهمه، إلا كفر الله به من سيئاته ".
و الوصب: المرض ـ و النصب: التعب.
و في الصحيحين " عن عروة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز و جل بها عنه حتى الشوكة يُشَاكُها ".
فماذا يفعل المسلم إذا وقعت له المصيبة؟
هل تركه الله يقابل المصيبة بطريقة من عنده، أم شرع له ما يفعله، ويؤجر على ذلك وتُخَفَّف عنه مصيبته لاتباعه النبي صلى الله عليه وسلم؟!
قال الله تعالى: " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون *.
و قال تعالى: " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله و من يؤمن بالله يهد قلبه ". قال علقمة وجماعة من المفسرين: هي المصائب تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيرضى و يُسَلِّم.
و قد جعل الله كلمات الإسترجاع ـ و هي قول المصاب: " إنا لله و إنا إليه راجعون " ملجأً و ملاذاً لذوي المصائب، و عظمةً للممتحنين من الشيطان، لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، فإذا لجأ إلى هذه الكلمات الجامعات لمعاني الخير و البركة، فإن قوله: " إنا لله " توحيد و إقرار بالعبودية و الملك، و قوله " و إنا إليه راجعون " إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثنا، فهو إيمان بالبعث بعد الموت و هو إيمان أيضاً بأن له الحكم في الأولى و له المرجع في الأخرى، فهو من اليقين، إن الأمر كله لله فلا ملجأ منه إلا إليه.
وروى مسلم في صحيحه،عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: " إنا لله و إنا إليه راجعون "، اللهم اؤجُرْنِي في مصيبتي، و أَخْلِفْ لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها "، قالت: فلما توفي أبو سلمة، قلت: من خير من أبي سلمة صاحبِ رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ قالت: ثم عُزِم لي فقلتها، فتزوجت رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و المقصود: أن هذا تنبيه على قوله تعالى: " و بشر الصابرين "، إما بالخَلَف، كما أخلف الله تعالى لأم سلمة، بدل زوجها أبي سلمة، رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين تبعت السُّنَّة، و قالت ما أُمِرَتْ به ممتثلة طائعة، إن البر والخير لهو فيما قاله الله ورسوله، و إن الضلال و الشقاء في مخالفة الله و رسوله، فلما علمت ـ رضي الله عنها ـ أن كل خير في الوجود، إما عام و إما خاص، فهو من جهة الله و رسوله، و أن كل شر في العالم، أو كل شر مختص بالعبد، فسببه مخالفة الله و رسوله، فلما قالت هذه الكلمات، حصل لها مرافقة الرسول في الدنيا و الآخرة.
و قد يحصل العبد بكلمات الاسترجاع منزلة عالية و ثواباً جزيلاً. ( http://saaid.net/flash/azay.swf)