تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مفهوم الدولة]

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 07 - 2009, 07:07 ص]ـ

[مفهوم الدولة]

في أحد البرامج الفضائية تحدث أحد أساتذة القانون الوضعي، وله اسم كبير في مصر باعتباره أحد أقطاب المعارضة المتنامية على خلفية الأزمات التي تعصف بمصر، حفظها الله من السوء ووقاها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، تحدث عن أمور انطلق في كلامه عنها من خلفية الإشكالية التي يعاني منها العالم الإسلامي في العصر الحديث: إشكالية القصور الشديد في إدراك مفهوم الدين بقصره على المعتقدات والشعائر التي يمارسها الفرد والأخلاق على أحسن الأحوال، فالدين إجمالا بمعزل عن الحياة العامة، وذلك من نتاج تأثر العالم الإسلامي في عصور الضعف الأخيرة بتيارات التغريب العلمانية التي صدرتها أوروبا الثائرة على الكنيسة والعرش إلى العالم الإسلامي المتخلف بكل المقاييس، وأولها: الشرعية، فضلا عن تخلفه السياسي والعسكري والصناعي ..... إلخ لا لقصور في شريعة الإسلام التي ساد بها المسلمون أمم الأرض في العصور المتقدمة، فكانت حضارتهم: حضارة دينية تستمد أخبارها وأحكامها من الوحي، فتحقق بها صلاح الفرد في نفسه، وصلاح الجماعة، وهو الغائب الأعظم في العالم الإسلامي اليوم، إذ الأفراد بحاجة إلى منهج لئلا تضيع جهودهم على وزان:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ******* وإذا انفردن تكسرت آحادا

وتفرع عن تلك الحضارة الدينية حضارة: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)، حضارة: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، حضارة: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، تفرع عنها: حضارة مدنية وضعت حجر أساس النهضة الأوروبية الحديثة، بشهادة من قرأ التاريخ العلمي لأمة الإسلام بإنصاف، فهذا أمر لا ينكره إلا جاهل أو جاحد، لا سيما تاريخ الأندلس، التي كانت جامعاتها في قرطبة وإشبيلية وغرناطة ...... إلخ، مهوى عقول أبناء أوروبا التي كانت تعاني آنذاك من تسلط الكنيسة على العقول وتسلط أنظمة الإقطاع على الأبدان، فكان الاضطراب الفكري والسياسي والاجتماعي في الغرب في مقابل: الاستقرار في الشرق الذي كان ثمرة من ثمار الوحي، على حد قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، فكان التمكين السياسي والعسكري والعلمي ......... إلخ، وهو التمكين الذي نزع من أمة الإسلام لما نقضت العهد بتخلف شرط: (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، فظهرت صور الشرك في الأعصار المتأخرة سواء أكان ظاهرا كبدع القبور والأضرحة ........ إلخ التي سرت إلى أمة الإسلام من الأمم السابقة، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لتركبنّ سَنَن من كان قبلكم حَذْو القُذّة بالقُذّة". قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ ". وفي رواية: فارس والروم؟ قال: "وَمَن الناس إلا هؤلاء؟ ")، فغلو زهاد ورهبان الإسلاميين فرع عن غلو من تقدم من زهاد النصارى ورهبانهم، أو خفيا يحتاج نوع تأمل كما هو الحال في مسائل الأحكام والدساتير الأرضية التي مهدت العلمانية لها الطريق إلى قلوب المسلمين، ولو كانوا أفاضل صالحين في أنفسهم، فصارت هي مرد النزاعات بلا نكير، إذ لم يخطر بالبال بعد أن قصرت العلمانية الدين على الأفراد ونحته عن قيادة الجماعات، لم يخطر بالبال أن ذلك إقصاء للدين من الحياة، وليس المراد هنا الحكم على أفراد أو جماعات ...... إلخ على جهة الخصوص، فإن ذلك مما يتورع عن الخوض فيه خواص أهل العلم فضلا عن آحاد المسلمين، وإنما المراد تقرير الأمر على جهة العموم من باب: عرفت الشر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير