تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إلى الرجال خصوصا]

ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[14 - 06 - 2009, 06:07 م]ـ

بقلم: لنفجستون لارند

يا بني

أكتب هذا وأنت راقد أمامي على فراشك، نائم وقد توسدت كفك الصغير، وانعقدت خصلات شعرك فوق جبهتك.

فمنذ لحظات خلت كنتُ جالسا إلى مكتبي أطالع الصحيفة، وإذا بفيض غامر من الندم يطغى عليّ، فما تمالكت إلا أن تسللت إلى مخدعك، ووخز الضمير يصليني نارا.

وإليك الأسباب التي أشاعت الندم في نفسي:

أتَذكر صباح اليوم؟ لقد عنّفتك وأنت ترتدي ثيابك تأهبا للذهاب إلى المدرسة، لأنك عزفت عن غسل وجهك، واستعضت عن ذلك بمسحه بالمنشفة، ولُمتك لأنك لم تنظف حذاءك كما ينبغي، وصحت بك لأنك نثرت بعض الأدوات عفوا على الأرض.

وعلى مائدة الإفطار أحصيت لك الأخطاء واحدة تلو الأخرى، فقد سكبت حساءك، والتهمت طعامك، وأسندت مرفقيك إلى طرف المائدة، ووضعت نصيبا من الزبد على خبرك أكثر مما يقتضيه الأمر.

وعندما وليت وجهك شطر ملعبك، واتخذت أنا طريقي إلى محطة القطار، التفتَ إليّ ولوّحتَ بيدك وهتفت " مع السلامة يا بابا "، وقطبت لك جبيني ولم أجبك، ثم أعدت الكَرّة في المساء، فبينما كنت أعبر الطريق لمحتك جاثيا على ركبتيك تلعب " البلي " وقد بدت على جواربك ثقوب، فأذللتك أمام أقرانك، إذ سيّرتك أمامي إلى المنزل باكيا، إنّ الجوارب يا بني غالية الثمن، ولو كنت أنت الذي يشتريها لحافظت عليها حرصا منك عليها.

أفتتصور هذا يحدث من أب؟

ثم أتذكر بعد ذلك وأنا في مكتبي، كيف جئت تجر قدميك متخاذلا، وفي عينيك عتاب صامت، فلما نحيت الصحيفة عني وقد ضاق صدري لقطعك عليّ حبل خلوتي، وقفت بالباب مترددا وصحت بك: ماذا تريد؟؟

لم تقل شيئا ولكنك اندفعت إليّ، وطوقت عنقي بذراعيك الصغيرتين وقبّلتني، وشددت ذراعيك حولي في عاطفة أودعها الله قلبك الطاهر مزدهرة لم يقو حتى الإهمال على أن يذوي بها، ثم انطلقت مهرولا تصعد الدرج إلى غرفتك.

يابني .. لقد حدث بعد ذلك ببرهة وجيزة أن انزلقت الصحيفة من بين أصابعي وعصف بنفسي ألم عات.

يالله! إلى أين كانت " العادة " تسير بي؟ عادة التفتيش عن الأخطاء، عادة اللوم والتأنيب، أكان ذلك جزاؤك مني على أنك لازلت طفلا صغيرا؟

كلا، لم يكن مردّ الأمر إني لا أحبك، بل كان مرده أني طالبتك بالكثير، برغم حداثتك كنت أقيسك بمقياس سني وتجاربي وخبرتي.

ولكنك كنت في قرارة نفسك تعفو، وكان قلبك الصغير كبيرا كبر الفجر الوضّاء في الأفق الفسيح فقد بدا لي هذا في جلاء من عاطفتك التي حدت بك إلى أن تندفع إليّ وتقبلني قبلة المساء.

لا شئ يهم يا بني لقد أتيت إلى مخدعك وجثوت أمامك، أعرف أنك لن تفهم مما أقوله شيئا لو قلته لك في يقظتك، ولكني من الغد سأكون أبا حقيقيا، سأكون زميلا وصديقا، سأتألم عندما تتألم، وسأضحك عندما تضحك، وسأعض على لساني إذا اندفعت إليك كلمة من كلمات اللوم الجارح والعتاب الشديد، وسأردد بيني وبين نفسي " إن هو إلا طفل " تحتاج مني الرحمة واللين.

أشد ما يحزّ في خاطري أني نظرت إليك كرجل، إلا إنني وأنا أتأملك الآن منكمشا في مهدك، أرى أنك لازلت طفلا، وبالأمس القريب كنت بين ذراعيّ أمك تسند رأسك الصغير إلى كتفها.

وقد حمّلتك فوق طاقتك.

ـ[هشام محب العربية]ــــــــ[16 - 06 - 2009, 07:31 م]ـ

صدق! ليتنا نتعلم!

ـ[زورق شارد]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 12:40 ص]ـ

شكرا لك أختنا .. نعوذ بالله من قسوة تفقدنا الصواب

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 05:31 ص]ـ

أحسنت النقل

أشكرك

ـ[بركان]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 08:02 ص]ـ

مشكورر

بارك الله فيك

ـ[بركان]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 08:40 ص]ـ

مشكورر

بارك الله فيك

ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 10:35 ص]ـ

مرحبا بجميع الفضلاء وشكرا لكم

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[17 - 06 - 2009, 11:49 م]ـ

أحسنتِ أخيّة أحسنّ الله إليك على النّقل الماتع

ـ[عبق الفصحى]ــــــــ[18 - 06 - 2009, 12:09 م]ـ

شكرا لك أختي نور حقيقة كلنا نعنف أبناؤنا الصغار واخواننا ونعاملهم كما لوكانو كبارا ولكن لابد ان ننتبه ونخاطبهم على قدر عقولهم

ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[18 - 06 - 2009, 04:30 م]ـ

مرحبا بالكريمين نور الدين وعبق الفصحى وشكرا لكما.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير