تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[غض البصر]

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 05 - 2009, 05:27 ص]ـ

ومن عمد هذا الباب:

قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ).

ففيه نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل: "ينظر"، فأفاد العموم، فهو من باب سد الذرائع، وإن كانت الفطرة تميل للضد لا المثل، ولكن الفطر والأحوال قد فسدت بالتساهل في كشف العورات، من لدن قوم لوط، عليه السلام، أخبث الناس سيرة وهيئة، وإلى يوم الناس هذا، الذي صار فيه التفنن في الفواحش: غرض كثير من فساق الشرق والغرب، فلم يرو ضمأهم: التهتك مع الضد، فراموا التهتك مع المثل، إذ الشهوة مظنة الملل، تسأم سريعا فتبحث عن الجديد الذي يطفئها فلا تزداد إلا غلا وشرهاً، فصاحبها في نكد دائم حمله أخيرا على منكاحة البهائم العجماوات ولم يصل إلى مراده بعد!، بل شرهه في ازدياد وحسرته في تصاعد، وأنى لمن نكب عن طريق النبوة أن يهنأ بشهوة، فما ذلك إلا مئنة تعاسته وحيرته في أودية الضلال بعد أن صد عن أودية الهدى عدلا من الباري، عز وجل، وتأمل حال أولئك تجدهم أفسد الناس حالا، قد ملك عشق الصور المحرمة قلوبهم، فتعلقت الهمم بأخس المرادات، وما ابتلي إنسان بمثل ما ابتلي به عشاق الصور، فالنهي عن النظر ولو إلى المثل: سد لذريعة ذلك العشق المحرم الذي يهلك صاحبه في أودية الفواحش التي تميت القلب وتفسد الأمزجة والأبدان، ولذلك كان السلف، رحمهم الله، من أورع الناس في هذا الباب، وقصصهم في ذلك مشهور، مع كونهم أبعد الناس عن الفواحش، ولكنهم كحال كل العباد المخلصين: في توجس وخيفة من الفتن، وإن دقت، فما الظن بصورة تملأ العين؟!، وأول الأمر نظرة إعجاب لصورة جميلة تلفت القلب عن معبوده، إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه، بل ربما كانت صورة قبيحة لضد أو مثل، ولكن إبليس يزينها في عين الناظر فيرى القرد غزالا!، ولن يغلب في إيجاد وسائل المكياج والخداع البصري الذي يجعل القبيح حسنا مشتهى، وبعد النظرة ما بعدها، لا سيما في المجتمعات التي فسدت فطر أفرادها، فصارت الفاحشة فيهم عرفا، حتى طالب الشواذ في أمريكا أواخر السبعينات من الرئيس كارتر أن يسمح لهم بمباشرة شذوذهم في مكاتب وزارة الخارجية الأمريكية، والجيش الأمريكي عامر بالشواذ وأصحاب الهوس الجنسي، وما فضائح معتقلات العراق، وجرائم جنود الجيش الأمريكي، كجريمة فتاة المحمودية وأهلها، رحمهم الله جميعا، إلا مئنة من سادية وهوس أصحابها، فلم يعد مجرد الاستمتاع الفطري، ولو بطريق محرم، كافيا لري ظمأ تلك الكلاب الآدمية، وفي أمريكا: يظهر كل يوم أسلوب جديد لممارسة الفواحش بنكهة مبتكرة!، وهيهات أن يظفروا بلحظة سعادة حقيقية، بل لا يعدو الأمر لذة زائفة عابرة يعقبها ضيق في الصدر وموتان للقلب وفتور وعلل في الأبدان التي استهلكت طاقاتها في معصية خالقها الذي امتن على أصحابها بالكمال واعتدال الخلق فأبوا إلا أن يبارزوا الله، عز وجل، بعين ما تفضل به عليهم، وفي ذلك رد دامغ على العلمانيين الذين يزعمون أن الاختلاط والعري يهذب الفطر ويزيل الحواجز النفسية بين الجنسين، وهذه أمريكا: قبلتهم الفكرية، قد فتحت الباب على مصراعيه فلم تتهذب الفطر بل توحشت وأصيب أصحابها بسعار جنسي تترفع عنه البهائم العجماوات: (أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). وكان السلف يتمدحون بالستر، وإمامهم في ذلك:

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

فموسى عليه السلام: لا يغتسل مع قومه وإن كان ذلك جائزا في شرعتهم، حذرا من التكشف، فلا يرى إلا في أكمل وأستر هيئة حتى رموه بالمرض المنفر، فلا يتستر إلا خجلا منه!، ويهود قوم بهت قتلوا الأنبياء فليس بمستغرب أن يرموهم بالأدواء المنفرة!.

ونبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فلم تر له عورة بعد حادثة حمل حجارة الكعبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير