تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد ذُكر عن ابن عباس ومجاهد، إن صح ذلك عنهما، أن الصفير كان منكرات قوم لوط التي ذمهم الله بها.

انظر: تفسير الآية (29) من سورة العنكبوت: تفسير ابن كثير (6/ 276)، الزواجر عن اقتراف الكبائر، لابن حجر الهيتمي (2/ 231).

ثم إن آية سورة الأنفال السابقة: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)، وإن كان الظاهر منها أنهم جعلوا نفس الصفير والتصفيق (المكاء والتصدية) صلاة وعبادة، كما قاله بعض أهل العلم، فقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أن الاستثناء في الآية منقطع، وأن المعنى: أنهم وضعوا الصفير والتصفيق موضع الصلاة، لا أنهم تقربوا إلى الله بنفس المكاء والتصدية.

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله:

" قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} الآية.

المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، قال بعض العلماء: والمقصود عندهم بالصفير والتصفيق التخليط حتى لا يسمع الناس القرآن من النَّبي صلى الله عليه وسلم، ويدل لهذا قوله تعالى: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُون} [فصلت: 26] "

أضواء البيان (2/ 162).

وقال الشيخ ابن عاشور رحمه الله:

" ولا تُعرف للمشركين صلاة؛ فتسمية مكائهم وتصديتهم صلاةً: مشاكلةٌ تقديرية؛ لأنهم لما صدوا المسلمين عن الصلاة وقراءة القرآن في المسجد الحرام عند البيت، كان من جملة طرائق صدهم إياهم: تشغيبُهم عليهم، وسخريتهم بهم يحاكون قراءة المسلمين وصلاتهم بالمكاء والتصدية. قال مجاهد: فعل ذلك نفر من بني عبد الدار، يخلطون على محمد صلاته.

وبنو عبد الدار هم سدنة الكعبة وأهل عمارة المسجد الحرام، فلما فعلوا ذلك للاستسخار من الصلاة: سمي فعلهم ذلك صلاة، على طريقة المشاكلة ... ؛ فلم تكن للمشركين صلاة بالمكاء والتصدية.

وهذا الذي نحاه حذاق المفسرين: مجاهد وابن جبير وقتادة.

ويؤيد هذا قوله (فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)؛ لأن شأن التفريع أن يكون جزاء على العمل المحكي قبله، والمكاء والتصدية لا يُعدَّان كفرا إلا إذا كانا صادرين للسخرية بالنبي صلى الله عليه و سلم وبالدين، وأما لو أريد مجرد لهو عملوه في المسجد الحرام فليس بمقتض كونه كفرا، إلا على تأويله بأثر من آثار الكفر .. " انتهى.

"التحرير والتنوير" (9/ 339).

وإلى ذلك المعنى الذي شرحه ابن عاشور رحمه الله، وقرره الشينقيطي، ينحو الزمخشري في تفسيره (2/ 218)، وأبو حيان (4/ 485)، وغيرهما.

وانظر جواب السؤال رقم: (105450).

والله أعلم.

ـ[هشام محب العربية]ــــــــ[28 - 05 - 2009, 06:39 م]ـ

جزاك الله خيرا على استيعاب الأراء المختلفة بأدلتها.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير