تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فَضِيلَته , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْلَى بِمَعْنَى الْوَلِيّ , فَيَكُون مَعْنَى الْخَبَر: مَنْ كُنْت وَلِيّه فَعَلِيّ وَلِيّه , قَالَ اللَّه تَعَالَى: " فَإِنَّ اللَّه هُوَ مَوْلَاهُ " [التَّحْرِيم: 4] أَيْ وَلِيّه. وَكَانَ الْمَقْصُود مِنْ الْخَبَر أَنْ يَعْلَم النَّاس أَنَّ ظَاهِر عَلِيّ كَبَاطِنِهِ , وَذَلِكَ فَضِيلَة عَظِيمَة لِعَلِيٍّ. جَوَاب ثَالِث: وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْخَبَر وَرَدَ عَلَى سَبَب , وَذَلِكَ أَنَّ أُسَامَة وَعَلِيًّا اِخْتَصَمَا , فَقَالَ عَلِيّ لِأُسَامَة: أَنْتَ مَوْلَايَ. فَقَالَ: لَسْت مَوْلَاك , بَلْ أَنَا مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: (مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلِيّ مَوْلَاهُ). جَوَاب رَابِع: وَهُوَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّة الْإِفْك فِي عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: النِّسَاء سِوَاهَا كَثِير. شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا , فَوَجَدَ أَهْل النِّفَاق مَجَالًا فَطَعَنُوا عَلَيْهِ وَأَظْهَرُوا الْبَرَاءَة مِنْهُ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَقَال رَدًّا لِقَوْلِهِمْ , وَتَكْذِيبًا لَهُمْ فِيمَا قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَة مِنْهُ وَالطَّعْن فِيهِ , وَلِهَذَا مَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا كُنَّا نَعْرِف الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِبُغْضِهِمْ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام. وَأَمَّا الْحَدِيث الثَّانِي فَلَا خِلَاف أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسَى الْخِلَافَة بَعْده , وَلَا خِلَاف أَنَّ هَارُون مَاتَ قَبْل مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام - عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ بَيَان وَفَاتَيْهِمَا فِي سُورَة " الْمَائِدَة " - وَمَا كَانَ خَلِيفَة بَعْده وَإِنَّمَا كَانَ الْخَلِيفَة يُوشَع بْن نُون , فَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: (أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسَى) الْخِلَافَة لَقَالَ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ يُوشَع مِنْ مُوسَى , فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ هَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَذَا , وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنِّي اِسْتَخْلَفْتُك عَلَى أَهْلِي فِي حَيَاتِي وَغَيْبُوبَتِي عَنْ أَهْلِي , كَمَا كَانَ هَارُون خَلِيفَة مُوسَى عَلَى قَوْمه لَمَّا خَرَجَ إِلَى مُنَاجَاة رَبّه. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيث خَرَجَ عَلَى سَبَب , وَهُوَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى غَزْوَة تَبُوك اِسْتَخْلَفَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمَدِينَة عَلَى أَهْله وَقَوْمه , فَأَرْجَفَ بِهِ أَهْل النِّفَاق وَقَالُوا: إِنَّمَا خَلَّفَهُ بُغْضًا وَقِلًى لَهُ , فَخَرَجَ عَلِيّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ قَالُوا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: (كَذَبُوا بَلْ خَلَّفْتُك كَمَا خَلَّفَ مُوسَى هَارُون). وَقَالَ: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُون مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسَى). وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَ الِاسْتِخْلَاف عَلَى زَعْمهمْ فَقَدْ شَارَكَ عَلِيًّا فِي هَذِهِ الْفَضِيلَة غَيْره ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَخْلَفَ فِي كُلّ غَزَاة غَزَاهَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه , مِنْهُمْ: اِبْن أُمّ مَكْتُوم , وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَة وَغَيْرهمَا مِنْ أَصْحَابه , عَلَى أَنَّ مَدَار هَذَا الْخَبَر عَلَى سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَهُوَ خَبَر وَاحِد. وَرُوِيَ فِي مُقَابَلَته لِأَبِي بَكْر وَعُمَر مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَنْفَذَ مُعَاذ بْن جَبَل إِلَى الْيَمَن قِيلَ لَهُ: أَلَا تُنْفِذ أَبَا بَكْر وَعُمَر؟ فَقَالَ: (إِنَّهُمَا لَا غِنَى بِي عَنْهُمَا إِنَّ مَنْزِلَتهمَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير