تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بِسَمْعٍ قَاطِع , وَلَيْسَ هَا هُنَا سَمْع قَاطِع يَدُلّ عَلَى إِثْبَات الشَّهَادَة. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُفْتَقَر إِلَى شُهُود , فَمَنْ قَالَ بِهَذَا اِحْتَجَّ بِأَنْ قَالَ: لَوْ لَمْ تُعْقَد فِيهِ الشَّهَادَة أَدَّى إِلَى أَنْ يَدَّعِي كُلّ مُدَّعٍ أَنَّهُ عَقَدَ لَهُ سِرًّا , وَتُؤَدِّي إِلَى الْهَرَج وَالْفِتْنَة , فَوَجَبَ أَنْ تَكُون الشَّهَادَة مُعْتَبَرَة وَيَكْفِي فِيهَا شَاهِدَانِ , خِلَافًا لِلْجُبَّائِيّ حَيْثُ قَالَ بِاعْتِبَارِ أَرْبَعَة شُهُود وَعَاقِد وَمَعْقُود لَهُ ; لِأَنَّ عُمَر حَيْثُ جَعَلَهَا شُورَى فِي سِتَّة دَلَّ عَلَى ذَلِكَ. وَدَلِيلنَا أَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْننَا وَبَيْنه أَنَّ شَهَادَة الِاثْنَيْنِ مُعْتَبَرَة , وَمَا زَادَ مُخْتَلَف فِيهِ وَلَمْ يَدُلّ عَلَيْهِ الدَّلِيل فَيَجِب أَلَّا يُعْتَبَر. الْحَادِيَة عَشْرَة: فِي شَرَائِط الْإِمَام , وَهِيَ أَحَد عَشَر: الْأَوَّل: أَنْ يَكُون مِنْ صَمِيم قُرَيْش , لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْأَئِمَّة مِنْ قُرَيْش). وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الثَّانِي: أَنْ يَكُون مِمَّنْ يَصْلُح أَنْ يَكُون قَاضِيًا مِنْ قُضَاة الْمُسْلِمِينَ مُجْتَهِدًا لَا يَحْتَاج إِلَى غَيْره فِي الِاسْتِفْتَاء فِي الْحَوَادِث , وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ. الثَّالِث: أَنْ يَكُون ذَا خِبْرَة وَرَأْي حَصِيف بِأَمْرِ الْحَرْب وَتَدْبِير الْجُيُوش وَسَدّ الثُّغُور وَحِمَايَة الْبَيْضَة وَرَدْع الْأُمَّة وَالِانْتِقَام مِنْ الظَّالِم وَالْأَخْذ لِلْمَظْلُومِ. الرَّابِع: أَنْ يَكُون مِمَّنْ لَا تَلْحَقهُ رِقَّة فِي إِقَامَة الْحُدُود وَلَا فَزَع مِنْ ضَرْب الرِّقَاب وَلَا قَطْع الْأَبْشَار وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا كُلّه إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , لِأَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْنهمْ أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ أَنْ يَكُون ذَلِكَ كُلّه مُجْتَمِعًا فِيهِ , وَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاة وَالْحُكَّام , وَلَهُ أَنْ يُبَاشِر الْفَصْل وَالْحُكْم , وَيَتَفَحَّص أُمُور خُلَفَائِهِ وَقُضَاته , وَلَنْ يَصْلُح لِذَلِكَ كُلّه إِلَّا مَنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ كُلّه قَيِّمًا بِهِ. وَاَللَّه أَعْلَم. الْخَامِس: أَنْ يَكُون حُرًّا , وَلَا خَفَاء بِاشْتِرَاطِ حُرِّيَّة الْإِمَام وَإِسْلَامه وَهُوَ السَّادِس. السَّابِع: أَنْ يَكُون ذَكَرًا , سَلِيم الْأَعْضَاء وَهُوَ الثَّامِن. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة لَا يَجُوز أَنْ تَكُون إِمَامًا وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي جَوَاز كَوْنهَا قَاضِيَة فِيمَا تَجُوز شَهَادَتهَا فِيهِ. التَّاسِع وَالْعَاشِر: أَنْ يَكُون بَالِغًا عَاقِلًا , وَلَا خِلَاف فِي ذَلِكَ. الْحَادِي عَشَر: أَنْ يَكُون عَدْلًا ; لِأَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن الْأُمَّة أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ تُعْقَد الْإِمَامَة لِفَاسِقٍ , وَيَجِب أَنْ يَكُون مِنْ أَفْضَلهمْ فِي الْعِلْم , لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام: (أَئِمَّتكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ فَانْظُرُوا بِمَنْ تَسْتَشْفِعُونَ). وَفِي التَّنْزِيل فِي وَصْف طَالُوت: " إِنَّ اللَّه اِصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَة فِي الْعِلْم وَالْجِسْم " [الْبَقَرَة: 247] فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلّ عَلَى الْقُوَّة وَسَلَامَة الْأَعْضَاء. وَقَوْله: " اِصْطَفَاهُ " مَعْنَاهُ اِخْتَارَهُ , وَهَذَا يَدُلّ عَلَى شَرْط النَّسَب. وَلَيْسَ مِنْ شَرْطه أَنْ يَكُون مَعْصُومًا مِنْ الزَّلَل وَالْخَطَأ , وَلَا عَالِمًا بِالْغَيْبِ , وَلَا أَفَرَس الْأُمَّة وَلَا أَشْجَعهمْ , وَلَا أَنْ يَكُون مِنْ بَنِي هَاشِم فَقَطْ دُون غَيْرهمْ مِنْ قُرَيْش , فَإِنَّ الْإِجْمَاع قَدْ اِنْعَقَدَ عَلَى إِمَامَة أَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَلَيْسُوا مِنْ بَنِي هَاشِم. الثَّانِيَة عَشْرَة: يَجُوز نَصْب الْمَفْضُول مَعَ وُجُود الْفَاضِل خَوْف الْفِتْنَة وَأَلَّا يَسْتَقِيم أَمْر الْأُمَّة , وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَام إِنَّمَا نُصِبَ لِدَفْعِ الْعَدُوّ وَحِمَايَة الْبَيْضَة وَسَدّ الْخَلَل وَاسْتِخْرَاج

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير