[والنفس راغبة إذا رغبتها * وإذا ترد إلى قليل تقنع]
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 02:51 ص]ـ
سؤال وجواب بين الجد والهزل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عندما يأمرني أحدٌ من والديّ بالمذاكرة سواءً كان أمرًا مباشرًا أو غيرَ مباشر ٍ؛ فإنّ صدري يضيقُ جدًا لمجردِ مجيءِ ذكرِ المذاكرة من والديّ، أو حتى أي أحد من أقاربي، ويختلف قدرُ الضيق على حسب الطريقة التي ذكِرَتْ بها المذاكرة، وحتى أكثر من واحد من الشباب يشعر بنفس الإحساس، ولست أنا وحدي. والغريب أن هذا هو الأمر الوحيد الذي أشعر عنده بمقدار الضيق هذا، فما سبب ذلك، وما توجيهكم لي؟
وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ السائل/ ... حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... وبعد،
فإن هذا الأمر - وهو الشعور بالضيق - عندما يطلب منك أحدهم الدراسة، ويحثك عليها هو شعور كما وصفته بالفعل منتشر بين كثير من الطلاب ذكورًا وإناثًا، وهذا الأمر راجع في حقيقته إلى جملة أسباب:
فالسبب الأول: طريقة الأسلوب التي يُحَثُّ فيها على المذاكرة؛ فإن بعضَ الناس قد يحث على المذاكرة وعلى الحرص عليها بأسلوب فيه شيء من الغلظة وفيه شيء من العتاب، أو فيه شيء من التوبيخ؛ فيؤدي ذلك إلى نفور في النفس، فإن النفس مجبولة على كراهية الإلزام بشيء بمثل هذا الأسلوب، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه). وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) رواهما مسلم، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) رواه البخاري.
والسبب الثاني لمثل هذا الضيق: راجع إلى ميول الطالب نفسِه، فالطالب قد يكره بعض المواد؛ فيكره أن يراجعَها، أو يكره الدراسة نفسها لثقلها عليه؛ ولأنه يجد صعوبة في بعض موادها، أو يجد صعوبة ً وإشكالات ٍ في بعض المسائل؛ فيثقل عليه الأمر أيضًا.
والسبب الثالث: راجع إلى طبيعة النفس؛ فإن النفس تحب التروح، وتحب أن تخرج من القيود، وتخرج من الإلزام بالجلوس أمام المذاكرة، فهناك متعة المجالسة للوالدين والإخوة والأخوات والأصدقاء، وهناك متعة ممارسة ِ الأنشطة ِ التي يرغبُها الإنسانُ، والدراسة ُ مخالفة ٌ لكل ذلك، فتثقل على النفس بهذا الاعتبار.
وهناك سبب رابع: وهو التوقيت الذي يطلب فيه هذا الأمر من الطالب، فقد يطلب منه في وقت لا يكون قد نَشِط َ للدراسة، أو يشعر بالتعب أو الملل أو السآمة؛ فهذه أمورٌ مجتمعة قد تؤدي إلى هذا المعنى.
والمقصود أن ما يحصلُ لك من ضيق هو أمر شائع كما أشرت، ولكن لا بد أن تنظرَ إلى الذي حمل الوالديك الكريمين على مثل هذا الحث، أو لأقاربك الكرام على مثل هذا الإرشاد؛ إنه الحرصُ عليك، وإنه طلبٌ لمصلحتِك، وإنه بذل النصيحة لك، فهم يحبون أن تكون في أعلى الدرجات وفي أفضلها في دراستك، ولا ريب أنهم - إن شاء الله - حريصون - كذلك - على دينك وحريصون على فلاحك.
والمقصود أن تقدر هذا الحث، وأن تنظر إلى حثّ والديك الكريمين على أن الدافع له هو الحب والمصلحة والشفقة؛ فينبغي أن تحرص أيضًا على تقدير هذا الأمر، ولا مانع من أن تبدأ أنت بداية قوية في هذا الأمر، وذلك بأن تحرصَ على ترتيب أوقاتك، بأن تبدأ في دراسة المواد الدراسية أولاً بأول مبتدئًا بالأهم فالأهم، ومتدرجًا من الأسهل إلى الأصعب، فبهذه الطريقة لا تشعرُ بالملل، ولا تشعر بالسآمة؛ لأنك ابتدأت بالأمر السهل الميسور، ثم تنتقلُ إلى الأصعب فالأصعب.
مضافًا إلى هذا أن يكون لك دفترٌ خاصٌّ تُقَيّدُ فيه القواعدَ الهامة والنقاط َ الضرورية َ التي ينبغي أن تحفظ، وينبغي أن يركز عليها، مضافًا إلى هذا أيضًا أن يكون لك دفترٌ خاصٌّ تعلّقُ فيه المسائلَ المشكلة؛ حتى تسألَ عنها معلميك، وحتى تستطيعَ استيضاحها وضبطها ومعرفتها، فإذا قمت بهذا الترتيب حصل لك وقتٌ من الفراغ تجلس فيه مع أهلك ومع أصحابك، وكذلك وقت تستطيع أن تقرأ فيه شيئًا من القرآن، وشيئًا من العلم النافع، أو تستمع إلى شريط وعظي يرقق القلب كذكر الجنة والنار، أو شريط علمي يعلمك أحكام عباداتك لاسيما أمر الطهارة والصلاة وأمر الصيام وغير ذلك، فبهذا الترتيب يحصل لك مثل هذا الهدوء في نفسك، ويحصل لك - كذلك - رغبة في الدراسة لاسيما إذا عرفت أن فيها مصلحة ً عاجلة ً - إن شاء الله تعالى -.
فطب نفسًا، وقدّرْ مواقفَ أهلك، وحاولْ أن توازن بين الترفيه عن نفسك، وبين تحصيل الأمور الضرورية من الدراسة، والله يتولاك ويرعاك برحمته وكرمه.
وبالله التوفيق
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 07:52 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
صدقت فيما قلت ياأخي ..
لكن أقول لك بصراحة المجتهد مجتهد لو لم يكن خلفة أحد يحثة على المذاكرة ..
ومن طلب العلا سهر الليالي ..
وقفة جميلة على بيت يعايش النفس البشرية
[والنفس راغبة إذا رغبتها * وإذا ترد إلى قليل تقنع]
بارك الله فيك
¥