تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مواقفُ تربوية ٌ تعليمية ٌ

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 07 - 2008, 03:05 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وبعد،

أحب أن نتشارك في ذكر المواقف التي مرت بنا سواء أكانت تربوية أم تعليمية؛ لتعم الفائدة بيننا معاشر المعلمين، ولنتعلم من بعض:

وهذا الموقف الأول (تربوي):

في يوم من الأيام حضر لمكتب أحد الأساتذة طالب في الصف الثاني متوسط كئيبا مهمومًا على محياه علامة البؤس والفقر والشقاء نحيل الجسم رث الثياب، ودار بيننا الحوار التالي:

الأستاذ: أهلا عبد الله كيف حالك؟

عبد الله: بخير.

الأستاذ: ماذا لديك اليوم من أخبار سارة؟

عبد الله: ومن أين تأتي الأخبار السارة، وحياتي كلها فقر في فقر؟!

الأستاذ: احمد ِ الله َ؛ فأنت بخير0

عبد الله: أنا أحسد أصحابي الذين معهم جوالات، وأنا فقير جدًّا؛ فقيمة الجوال تساوي راتب والدي شهرًا كاملا.

الأستاذ: لا عليك، فهذا قضاء الله وقدره، ثم إنك تملك أشياءَ أغلى من الجوال.

عبد الله: أتهزأ بي يا أستاذي؟! وأين هي الأشياء الغالية التي أملكها، وأنت ترى حالي؟!

الأستاذ: والله ِ إنك تملك أشياءَ لا تقدّرُ بثمن، وتساوي ملايينَ الريالاتِ.

عبد الله: وأين هي؟! ارني إياها بسرعة.

الأستاذ: فكر أنت. ما هي؟

عبد الله: لا أدري، فليس في جيبي إلا ريالٌ واحدٌ فقط.

فأخرجت جوالي الجديد، وقلتُ له: سأعطيك جوالي (بشريحته) ورقمه المميز، وأسدد عنك الفواتير طيلة عمرك لكن بشرط.

فقال: أنا موافق على كل شروطك. هيا أعطني الجوال.

الأستاذ: حسنًا، سأعطيك الجوال إذا حققت شرطي الوحيد.

عبد الله: وماهو؟! هيا بسرعة.

الأستاذ: أن تعطيَني عينيك؛ فلي صديق ابنه يحتاج إلى عينين، وبعملية بسيطة نأخذ عينيك؛ لنركبها لابن صديقي، ونعطيك الجوال.

عبد الله: لا، والله لا أوافق.

الأستاذ: حسنًا، يبدو أن الجوال قليلُ القيمة ِ. سأكلم صاحبي - وهو من أصحاب الملايين - وسيعطيك مبلغ مليون ريال مع سيارة فارهة.

عبد الله: والله لو أعطاني ملايين الدنيا كلها فلن أوافق؛ فما فائدة الملايين، وأنا أعمى؟!

الأستاذ: هل رأيت - يا عبد الله - كيف أنك تملك أشياء غالية وثمينة؟!

هل رأيت - يا عبد الله - نِعَمَ الله ِ عليك التي لا تعدُّ و لا تحصى؟!

ثم قلت له: أغلق ْ أنفك وفمك بقوة، وانتظر خمس دقائق فقط بلا تنفس.

ففعل، حتى احمرَّ وجهُه، ثم أطلق يدَه، وتنفس بقوة. فقلت له: وهذه نعمة أخرى ((الهواء)) الذي لا نعيش بدونه، وتتنفسه مجانًا منذ أن ولدتك أمك، وغيرك - يا عبد الله - لا يتنفس إلا بأجهزة صناعية، وكأنه يتنفس من ثقب إبرة.

عندها استنار وجهُه، وعلت شفتيه ابتسامة ٌ عريضة ٌ قائلا: صدقت يا أستاذ، نِعمُ الله ِ من حولنا كثيرة، ولكن لا نتذكرها إلا إذا فقدناها 0

فغادر مكتبي مسرورًا فرحًا شاكرًا لأنعم الله.

ننتظركم يا أحباب؛ لنتعلم منكم، ونستفيد من تجاربكم.

ـ[أبو لين]ــــــــ[18 - 07 - 2008, 05:57 ص]ـ

فكرة جميلة وموضوع جميل وطرحك أجمل في هذا الحوار الماتع.

وإليكم أحد المواقف التي أذكرها - والمواقف كثيرة - أتاني أحد الطلاب وهو كسير القلب , عيناه قد أغرورقت بالدموع وفي صوته بحة لا أنساها , فسألته (ماذا بك؟ ولم تبكي؟) فقال: أود أن أفصل من المدرسة وأبحث عن وظيفة.

حينها علمتُ أنّ في الأمر سر ولابد أن أصل إليه حتى أعلمَ ما سبب تفكيره هذا.

أخذت وأعطيت معه في الكلام قليلا قليلا حتى ارتاح لي الطالب وبدأ يفتح صدره لي.

حينها أخبرني أنّ أباه يعمل سائقا (سائق وايت) يوصل الماء إلى المنازل وأنّ المصروف لا يكفي إخوته وأنه أكبرهم وأبوه يتعب كثيرا فقال: أنا وأود أن أساعده وأتجه لأي وظيفة كانت حتى أريح أبي من هذا العناء وأساعده على متاعب الحياة وشقاها , لذا أرغب أن أتفرغ وأساعده في مصاريف البيت.

فقلت له: أحسنت يا .... ووالله إنّك من الرجال النادرين , أنت تحب أن تبرَّ أباك , وأن تساعده , وهذا دليل على وفائك لأبيك , (بدأ الطالب يحس شيئا من الحماس وبدأ حزنه يتضاءل .. ) أثنيت وأثنيت عليه حتى أتمكن جيدا من قلبه ... حينها بدأت أضرب ضربتي وقلتُ له (اسمع ... لو علم أبوك بأنك لن تدرس بعد اليوم فهل يفرح أم يغضب .. فقال لي سيغضب ... فقلت له لماذا لم يجد أبوك وظيفة له ... فقال لي لأنّه لا يملك شهادة ... فقلت له: أحسنت ... وهل ستقع في نفس ما وقع فيه أبوك , حينها لن تجد وظيفة تساعد فيها أباك. ثم قلت له اعلم (أنّ العلم يحقق لك ما تطمح إليه , واعلم أنّ ما تريده ليس حلا .. فكر قليلا ... اليوم ستساعد أباك وغدا وبعد غد ثم ماذا .... تبقيان على ما أنتما عليه , وستبقى حياتكما كما هي ولن تتقدم ... أخي .... إن أردت فعلا مساعدة أبيك ... فادرس واجتهد وتعلم العلم وحقق أعلى الدرجات حتى تتمكن من الالتحاق بوظيفة مرموقة وحينها يصبح لديك راتب تستطيع أن تساعد أباك وعائلتك أمّا أن تخسر العلم وتخسر الشهادة وتخسر الوظيفة فلا , وأنت قد قطعت نصف المشوار فهذا هو الجنون بعينه ... ثق تماما أنّك إن فصلت اليوم فستعض أصابعك ندما على قرارك ... لا تتهور فتخسر نفسك ولن تكسب رغبتك ... وإن أردت أن تساعد أباك فلا مانع من مساعدته في غير أيام الدراسة ... عموما طال الحوار بيني وبينه حصة كاملة ولا أريد الإطالة عليك ... وأخيرا اقتنع ولله الحمد وهو الآن في الصف الثاني ثانوي وما زلت أتابعه والحمد لله نسبته (94%) لأنّه ملتحق بمدرسة على النظام المطوّر (المعدل تراكمي) ... والله إنّي سعيد بأن عدل عن قراره وسلك الطريق الصحيح ...

هذا موقف على عجاله. ولنا عودة بإذن الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير