[صدى الحياة]
ـ[أم أسامة]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 11:01 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على تضاريس الحياة في جو نقي .. بعيد عن صخب المدينة وهمومها
سلك الاثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة .. وأثناء سيرهما ..
تعثر الطفل في مشيته .. سقط على ركبته .. صرخ الطفل على إثرها بصوتِ مرتفع تعبيراً عن ألمه: آآآآه
فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل:آآآآه
نسي الطفل الألم وسارع في دهشةٍ سائلاً مصدر الصوت: ومن أنت؟؟
فإذا الجواب يرد عليه سؤاله: ومن أنت؟؟
انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكداً .. : بل أنا أسألك من أنت؟
ومرة أخرى لا يكون الرد إلابنفس الجفاء والحدة: بل أنا أسألك من أنت؟
فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب .. فصاح غاضباً:"أنت جبان"!!
فهل كان الجزاء إلا من جنس العمل .. وبنفس القوة يجيء الرد: أنت جبان!
أدرك الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلم فصلاً جديداً في الحياة من أبيه الحكيم , الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج ابنه
قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس
تعامل _الأب كعادته _ بحكمة مع الحدث .. وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة ..
وصاح في الوادي
" إني أحترمك "
كان الجواب من جنس العمل أيضاً .. فجاءبنفس نغمة الوقار
" إني أحترمك " ..
عجب الشاب من تغير لهجة المجيب ..
ولكن الأب أكمل المساجلة قائلاً
" كم أنت رائع "
فلم يقلّ الرد عن تلك العبارة الراقية: كم أنت رائع
ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيراً من أبيه لهذه التجربة الفيزيائية
علق الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة
أي بني .. نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء صدى ..
لكنها في الواقع هي الحياة بعينها .. إن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها ..
ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك
إذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك ..
وإذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيرك ..
إذا أردت أن يرحمك أحد فارحم غيرك ..
وإذا أردت أن يسترك أحد فاستر غيرك ..
إذا أردت الناس أن يساعدك أحد فساعد غيرك ..
وإذا أردت الناس أن يستمعوا إليك ليفهموك فاستمع إليهم لتفهمهم أولاً
لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم إبتداء
أي بني .. هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة
وهذا ناموس الكون الذي تجده في كافة تضاريس الحياة
إنه صدى الحياة
.. ستجد ما قدمت وستحصد مازرعت
ـ[المدرس اللغوي]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 11:43 ص]ـ
أم أسامة سلمت أناملك على هذه المشاركة الجميلة والتي تردد صداها في جوانبي قائلا: شكرا أم أسامة.
ـ[سمية ع]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 11:56 ص]ـ
ما أجمل هذه القصة ,, وما أروع حكمها
لك جزيل الشكر أم أسامة
ـ[أم أسامة]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 06:50 م]ـ
لكم جزيل الشكر ..
المدرس اللغوي ..
سمية ع ..
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 07:23 م]ـ
أنشدت مرة فقلت.,
آيا جبيل هل أنت هكذا دوما.,.,. فقالَ دوماً لا فلا تُلقي ظُلما
فقلتُ أراكَ في البادية هرما.,.,. فقال أليسَ لكَ مثلي عُمرا
فقلتُ وأين الحياة وأنتَ صم.,.,.فقال بل أنا لبني جنسي قمرا
فقلتُ وماذا عني كيف تراني.,., فقال كُل امرء لنفسه مُقيما
فإن الحياة لكَ بقدركَ لها.,., فكُن رحيماً بالقناعة مُسلّما
أخيتي أم أُسامة لا فض قلمك المعطاء
لقد نزلت الحكمة في محلها الصحيح
ثقي في هذا جزاك الله خير الجزاء
وكُل المُسلمين َ العاملين.
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[29 - 11 - 2008, 02:37 ص]ـ
رائع غاليتي ماسطر هنا.
كثيرا ما نلهوا عن حكم الله التي يجريها بين أيدينا ليل نهار
فكم نفتقد التدبر والتفكر
لك شكري وحبي
ـ[أنوار]ــــــــ[29 - 11 - 2008, 05:34 م]ـ
جزاك الله خيراُ ثلوج وبارك فيكِ ...
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 01:52 ص]ـ
بوركتِ أيتها المشرفة على ما تقدمين وجزاكِ الله كل خير.
ـ[أم أسامة]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 06:43 م]ـ
شكرا لموركم ...
أستاذ ناجي
وأخيتي ..
أنوار