تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفرق كبير أيضا بين الإعجاب والحب في الله ..

فالإعجاب كما عرفه البعض هو .. (الإفراط في المحبة , تتركز فتنته ـ غالباً ـ على الشكل والصورة, أو انجذاب مجهول السبب, لكنه غير متقيد بالحب لله, ويدعى بعضهم أنها صداقة وهي ليست كذلك؛ لأنها صداقة فاسدة لفساد أساس الحب فيها بعدم انضباطها بضوابط الشرع. والعشق رغم سهولة بداياته إلا أن نهايته انتكاس للعاشق, وخروج عن حدود الشرع, ولهذا كان بعض السلف يستعيذ بالله من العشق, فهو إفراط في الحب في أوله, وهو عبودية للمعشوق في نهايته, تضيع معها عبودية العبد لله).

أما الحب في الله فهو أمر محمود قد حث الشارع الحكيم عليه وأعطى صاحبه مكانة يوم القيامة لا ينالها إلا المتقون الموفقون، فالمتحابان في الله ممن يستظلون بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله قال عليه السلام (ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) ..

والسبب في وجود هذا الفرق الكبير بين الإعجاب والحب في الله؛ هو أن الحب عُلق قبوله وأجره بأنه في الله، أي أن المتحابين علاقاتهما مبناها على ما يرضي الله، ومتى ما حدث من أحدهما شيء يغضب الله فإن الآخر لا يقبله ولا يقره لأنه من مقتضيات المحبة في الله أن لا يجاري صاحبه على ما اقترف من مخالفة، ولأنه في الأصل لم تنبني العلاقة على مصلحة يجنيها الطرفان أو أحدهما كأن تكون من أجل المال أو الجمال أو الجاه أو أي داع يدفع الطرفان لأن يعجب أحدهما بالآخر، وهذا على العكس تماما من الإعجاب الذي تحدث معه بعض المخالفات المنافية تماما لمعنى الحب الحقيقي.

أما من ابتليت بداء الإعجاب فأقول لها اقرئي ما قاله ابن القيم رحمه الله تعالى عن العشق حيث يقول (القلب إذا أخلص عمله لله لم يتمكن منه العشق فإنه يتمكن من القلب الفارغ) وهذه حقيقة يدركها المعجبون أيضا قبل غيرهم .. وهي أن العشق والإعجاب أول ما يغزوان القلوب التي فيها مساحة واسعة من الفراغ .. هذا الفراغ لا يمكن أن يعيش الإنسان بدون أن يملأه، وإذا لم يملأه الإنسان بالطاعة والتقوى فإنه سيكون جاهزا لأن يستقبل أي لون من ألوان الإعجاب أو غيره ..

يجب على هذه الفتاة أن تراجع نفسها وتنظر في منسوب إيمانها ومدى ما تحمل من خشوع عندما تقف أمام ربها في الصلاة مثلا، وكم نسبة هذا الخشوع؟ ما مدى تأثير هذا العشق على سير علاقتها بالله؟ كم حجم التنازلات التي قدمتها أو تقدمها في سبيل أن تعيش هذا العشق بدون انقطاع أو انحسار .. ؟ ما تأثير هذا العشق على علاقاتها بالآخرين؟ كم نسبة التفكير التي تمنحه المعجبة لتلك المعجب بها؟

أسئلة كثيرة ينبغي أن تسأل المعجبة نفسها عنها لتعلم حجم السلبيات التي تحملها إزاء هذا الإعجاب أو ذاك العشق بعد ذلك ستعترف على الأقل لنفسها إن لم تعترف للآخرين بأنها واقعة في الخطأ شاءت أم أبت.

يجب على المعجبة أن تعلم أن استمرارها في الإعجاب قد يترتب عليه فساد في الحياة الزوجية في المستقبل، وهذا يحدث عندما تطلب من زوجها نفس المشاعر والأحاسيس التي كانت تتبادلها أثناء وقوعها في الإعجاب فلا تجدها بنفس الأسلوب السابق، وذلك لأن العلاقة في الحياة الزوجية مغايرة تماما لمفهوم الإعجاب، فهي مبنية على الحب المتبادل بين الزوجين، الحب الذي ينتج من خلاله ترابط وألفة تعيش من خلاله الأسرة حياة سعيدة وهادئة لا حياة مبناها على العواطف فقط.

ختاما .. أقول لهذه الأخت الكريمة: تذكري بأن هذه الإعجاب لن يدوم، بمعنى أن له نهاية، هذه النهاية ستكون يوما من الأيام بالنسبة لك ذكريات طريفة، بل قد تكون - واسمحي بذلك - موضع سخرية منك، لأنه كلما تقدم الإنسان بالسن فإنه يرى الكثير من تصرفاته السابقة على صورتها الحقيقة فيبدأ يميز بين صوابها من خطئها. وفقك الله لكل خير وجعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.


ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 07:48 م]ـ
وهذا مقالاً آخر يتعلق بالموضوع وهو بعنوان: الإعجاب إلى أين؟!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير