تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

آداب القرآن الكريم هي آداب إنسانية، ترمي إلى تأسيس الخلق الإنساني في النفوس، بحيث لا يطغى قوي، ولا يُستذل ضعيف، وتحتم على المرء أن يكون مع الحق أبدًا. ويجعل من هذا الأدب عقيدة تنبعث من روحه، ووازعًا إيمانيًا في داخله، فيكون رقيب نفسه، يرى أن عين الله لا تنفك ناظرة إليه من ضميره. والغاية منها تهذيب النفس، وتقويم الطبع، وتثقيف الأخلاق، وتثبيت الإرادة.

وإذا تأملنا هذه المعاني، نجد أن الأرض شهدت جيلًا اجتماعيًا كذلك الجيل الأول في صدور الإسلام، حين كان القرآن غضًا طريًا، والفطرة الدينية مؤاتية. فنرى كيف بدل أولئك الجفاة أخلاقهم، وناقضوا طباعهم، وخالفوا عاداتهم، وخرجوا عما ألفوا، واستحالوا إلى نور من الآداب في علو النفس، ورقة الطبع، ولين الجانب، وسلامة القلب، وتمكن الإيمان ....

وما كان لهم ذلك إلا لأنهم أهل ذوق ورهافة حس فتدبروا القرآن، وبصروا بأسراره، ومواطن الإعجاز فيه، وعرفوا وجوه الخطاب، وهو ظاهر حقيق لمن تدبر تدبرهم، وسلك مسلكهم. "وبذلك استطاع القرآن أن يؤلف من العرب أكبر جماعة نفسية عرفها تاريخ الأرض و في تاريخها، على حساب ذلك في روعته وبلاغته وقوته وفائدته، إذ وجدتْ من آداب القرآن قلبًا اجتماعيًا عامًا، استوى على ماضيها من التصور والإدراك والاعتقاد، وأحالها كلها فكرًا واحدًا، يستمد قوته من الخُلُق الذي قام به، لا من العقل الذي ينشأ عنه. وليس يخفى أن العقل هو مظهر تاريخ الأمة، ولكن الخلق دائمًا لا يكون إلى مصدرًا من التاريخ، فلا جرم لم يثبت تاريخ أمة من الأمم إذ لم يكن قائمًا على هذا الأصل المستحكم، وكانت الأمة غير ذات أخلاق " *الرافعي.

ومن أبرز الأخلاق التي جاء الإسلام وقررها: التقوى -لأنه مصدر النية في صدور المؤمنين – التي نشأت عنه المساواة، وقد كشفه الله بقوله تعالى:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم". فجعل أكرم الناس المتساوين جميعًا في الحالتين الفردية والاجتماعية،هو أتقاهم، وجعل مرجع التقوى في مظاهرها الاجتماعية إلى شيئين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهما المبدأ والغاية لكل قوانين الآداب والاجتماع، ثم مرجعها في حقيقة نفسها إلى شيء واحد وهو الإيمان بالله، فالأمة التي تكون لأفرادها فضيلة تكون خير أمة، وعلى هذا جاء قوله تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله".

ذلك وجه الإعجاز الأدبي في القرآن الكريم، وهو متصل باللغة اتصالًا سببيًا.

وما فرط المسلمون في آداب هذا القرآن الكريم إلا منذ فرطوا في لغته، فأصبحوا لايفهمون كلمه، ولا يدركون حكمه، ولا ينزعون أخلاقه وشيمه، فلا يقرُّون هذا الكتاب إلا أحرفًا، ولا ينطقون إلا أصواتًا.

ـ[أبو طارق]ــــــــ[20 - 07 - 2007, 09:08 م]ـ

تبارك الرحمن

أفاض الله عليك من نعمه أستاذة زينب

وحتمًا سأعود لقراءتها

ولعلها تُجمع في ملف وورد بعد الانتهاء

وفقكِ الله

ـ[زينب محمد]ــــــــ[21 - 07 - 2007, 12:19 ص]ـ

رفع الله قدرك ..

ورزقك العلم النافع، والعمل الصالح ..

ما أنا إلا طالبة تسعى لتتعلم ..

ولك أن تفعل ماتراه مناسبًا ..

جزاك الله خيرًا ..

ـ[زينب محمد]ــــــــ[22 - 07 - 2007, 08:37 م]ـ

(المعجزة العلمية):

* النحو:

نشأ النحو العربي متأخرًا عن القرآن الكريم، وذلك حينما دخل اللحن في اللسان العربي. وإننا نجد أن الغيرة على القرآن الكريم، وصونه من التحريف على ألسنة الأعاجم، كانت السبب في وضع قواعده.

" القرآن الكريم هو الحجة البالغة، وهو أوثق مصدر في الوجود، ولهذا كان لزامًا على النحويين واللغويين وعلى العالم أجمع، أن يعدلوا قواعدهم، وينسقوها مع منهج القرآن الكريم .... ويجب أن يكون القرآن هو المصدر الأول في كل تقعيد وتقنين، سواء كانت هذه القوانين علمية، أم دينية، أم اجتماعية بوجه عام، فالقرآن دستورنا الخالد، وهو صالح لكل زمان ومكان، (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ومعلوم أن القوانين الوضعية من صنع البشر، وان القرآن الكريم من كلام الله عز وجل، وفرق كبير بين كلام الخالق وكلام المخلوق " *1

فكان أول من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي – رحمه الله- بأمر من عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- حين قال: وليعلِّم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب. واختلفت الروايات في السبب الذي دعاه إلى وضع النحو، ومن أشهرها أن أعرابيًا سمع رجلًا يقرأ:" أن الله بريء من المشركين ورسوله" بكسر اللام من "رسوله" فقال الأعرابي:

إن يكن الله قد بريء من رسوله فأنا أبرؤ منه. فلما بلغت هذا الحادثة عمر بن الخطاب، استدعى الأعرابي وأخبره أن الرجل لحن في كتاب الله، وأمر عمر ألا يقرئ القرآن إلا عالم بالعربية.

وإنما عبر عمر بن الخطاب عن النحو بالإعراب، لأنه أبرز خصائص اللغة العربية، إذ عليه يعتمد في تبليغ المعاني والتفرقة بينها، فلا عربية إلا بالإعراب، ولا تعليم للعربية إلا بقاعدة تصف ظواهرها اللغوية للراغبين في تعلمها.

فاعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحرف، و أوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها، وضروب الأفعال، واللازم والمتعدي، حتى إن بعضهم أعرب مشكله.

وكذلك من جهودهم أنهم بحثوا عن طريقة تعصم من يتلو القرآن من الوقوع في اللحن، حين القراءة من المصحف، بسبب خلوه من الحركات، فكان الفضل لأول من فكر في وضع رموز للحركات وهو أبو الأسود الدؤلي ليضبط بها الرسم القرآني، حتى جاء الخليل بن أحمد – رحمه الله- فوضع الشكل الذي يكتب به حتى الآن.

وبهذا نرى أن القرآن كان مصدر إلهام في نشأة هذا العلم، الذي حُفظت به العربية من الزيغ والاضطراب.

*نظرية النحو القرآني أحمد الأنصاري

يتبع ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير