تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والقول الثالث: وهو الراجح من جهة كونه: حاصرا لكل آي الكتاب: اعتبار الظرف الزماني فقط، فيكون ما نزل قبل الهجرة مكيا، وما نزل بعدها مدنيا، ويكون ما نزل في سفر الهجرة كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، أي: إلى مكة منتصرا بعد أن أخرجك أهلها منها على الراجح من أقوال المفسرين. يكون: مكيا عملا بالأصل المتيقن، فالهجرة لما تتم بعد.

مميزات المكي والمدني:

قال الزركشي، رحمه الله، في "البرهان": "قال الجعبرى لمعرفة المكي والمدني طريقان:

سماعي وقياسي:

فالسماعي: ما وصل إلينا نزوله بأحدهما.

والقياسي: قال علقمة عن عبد الله: كل سورة فيها: (يأيها الناس) فقط أو: (كلا) أو أولها حروف تهج سوى الزهراوين والرعد في وجه أو فيها قصة آدم وإبليس سوى الطولى فهي مكية، وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية مكية، (سوى الزهراوين) "هذه الزيادة من الكاتب"، وكل سورة فيها فريضة أو حد فهى مدنية انتهى". اهـ

وليس معنى كون السورة مكية: أن كل آياتها بلا استثناء مكية، وليس معنى كونها مدنية: أن كل آياتها مدنية بلا استثناء، بل هو وصف أغلبي غير حاصر عند التحقيق.

وفي البخاري من حديث عبد الله بن مسعود: أنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.

فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِي هَذَا قَالَ لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ.

فالآية قد نزلت في المدينة، وهي في سورة هود، وهي سورة مكية، فدل ذلك على أن وصف السورة بالمكية أو المدنية لا يعني أن كل آياتها مكية أو مدنية بلا استثناء.

فائدة: استدل الأصوليون بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ. على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فعموم الآية نزل على سبب ذلك الصحابي، ومع ذلك عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته بهذا النص، فلم يقصره على صاحب السبب.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 02:44 م]ـ

ومن مسائل هذا الباب:

مسألة الدلالة الأصلية والدلالة الثانوية لألفاظ القرآن الكريم وما يتفرع عليها من جواز الترجمة، وهل يمكن أصلا ترجمة ألفاظ القرآن الكريم مع الحفاظ على كل دلالاتها المعنوية:

فمعاني القرآن الكريم تنقسم إجمالا إلى قسمين:

القسم الأول: المعاني الأصلية: وهي المعاني الظاهرة التي يشترك في معرفتها جميع المكلفين، فهي ظاهر الشريعة المتبادر إلى الذهن، والأحكام التكليفية، إنما تستفاد من هذه المعاني أصالة، لأن الشريعة جاءت للإفهام لا للإلغاز، فلا يجوز أن تخاطبنا بظواهر تدل على معان متبادرة إلى الذهن وهي تقصد معان أخرى خفية لا يدركها إلا الحذاق، وقد أمرنا الله، عز وجل، بتدبر القرآن، لأنه نزل بلغة العرب، كما في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، وقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا)، وقوله تعالى: (قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، وقوله تعالى: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، وقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)، وقوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير