تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يستعمل القرآن اللفظ في معنى مجازي فيأتي المترجم بلفظ يرادف اللفظ العربي في معناه الحقيقي، كما في آية: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) فقد تترجم بمعناها الحقيقي وهو: اللباس الحسي مع أن المقصود معناها المجازي: اللباس المعنوي، ولهذا ونحوه وقعت أخطاء كثيرة فيما ترجم من معاني القرآن.

فما ذهب إليه الشاطبي، رحمه الله، واعتبره حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي ليس على إطلاقه، فإن بعض أهل العلم يخص هذا بمقدار الضرورة في إبلاغ الدعوة بالتوحيد وأركان العبادات، ولا يتعرض لما سوى ذلك، كما أشار إلى ذلك الحافظ، رحمه الله، في "الفتح" بقوله: "وَعَلَى هَذَا فَمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام أَوْ أَرَادَ الدُّخُول فِيهِ فَقُرِئَ عَلَيْهِ الْقُرْآن فَلَمْ يَفْهَمهُ فَلَا بَأْس أَنْ يُعَرَّب لَهُ لِتَعْرِيفِ أَحْكَامه أَوْ لِتَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّة فَيَدْخُل فِيهِ".

ويؤمر من أراد الزيادة بتعلم اللسان العربي، فإن: "نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس، عن ثور، عن عمر بن زيد: كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنه: "أما بعد: فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في اللغة وأعربوا القرآن، فإنه عربي"، وفي حديث آخر عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: "تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم" وهذا الذي أمر به عمر، رضي الله عنه، من فقه العربية وفقه الشريعة، يجمع ما يحتاج إليه، لأن الدين فيه أقوال وأعمال، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله، وفقه السنة هو فقه أعماله". اهـ

كما ذكر ذلك شيخ الإسلام، رحمه الله، في "اقتضاء الصراط المستقيم".

وانظر "مباحث في علوم القرآن"، ص287_290.

و مذكرة: "المدخل إلى علم التفسير"، ص49.

فحاصل المسألة: استحالة الترجمة الحرفية مع الحفاظ على كل دلالات اللفظ المترجم، وخطورة ترجمة المعاني الأصلية، وإن كان ذلك ممكنا، وجواز الترجمة التفسيرية التي توازي علم التفسير عند المسلمين، لبيان الشريعة لغير العرب بألسنتهم، وفق ضوابط دقيقة تمنع وقوع الخلل فيها، فهي أشبه بالمعنى الإجمالي، فلا يشترط فيها ألفاظ بعينها، وإنما يشترط أداء المعنى بألفاظ مفهمة.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 01:10 ص]ـ

ومع: مسألة النسخ:

فالنسخ في اللغة: الإزالة.

وهو يطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان:

الأول: الإزالة، فيقال: نسخت الشمس الظل، ومنه قوله تعالى: (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

والثاني: النقل، ومنه قوله تعالى: (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

والثالث: النسخ الاصطلاحي: وهو رفع الحكم الشرعي المتقدم بآخر متراخ عنه، ومنه قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

والنسيان في الآية معناه: أنها بنسخها وهجر تلاوة لفظها المنسوخ تصير في حكم المنسي، لا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ينسى ما يوحى إليه، فالنص قد جاء بضد ذلك، ففي التنزيل: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ).

يقول أبو السعود رحمه الله: " {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} في صدرِك بحيثُ لا يذهبُ عليكَ شيءٌ مِنْ معانيهِ {وَقُرْءانَهُ} أي إثباتَ قراءتِه في لسانِكَ". اهـ

فالمهمل ينسى بمرور الزمن، تماما كالحقيقة اللغوية في مقابل المجاز المشتهر الذي ينزل منزلة الحقيقة العرفية، فإن استعماله يطغى على الحقيقة اللغوية حتى لا يكاد يعرفها إلا آحاد الناس ممن غاص في بطون معاجم اللغة، فإهمال استعمالها في الكلام صيرها في حكم المنسي.

والنسخ يباين التخصيص من جهة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير